ملك البترول

كان چون روكفِلر John Rockefeller في يوم من الأيام أغنى أغنياء العالم وكان يُسمّى "ملك البترول". ولكنه فجأة ترك كل ثروته، وتبرّع بها للأعمال الخيرية. وعندما طاردته وألحَّت عليه وكالات الأنباء لمعرفة السبب الذي لأجله ترك هذا الملياردير جميع مليارات الدولارات؛ رد روكفلر قائلا: "تركت كل أموالي لكي أُنهي جبال من العبودية للمال، ولكي أنظِّف يديَّ وذهني من كل ما يتعلق بدنيا المال، ولكي أؤكِّد لكل من يحسدني على كوني أغنى رجل في العالم أني أتعس إنسان في العالم... تركت كل أموالي لأُثبت للناس أن المال هو المفتاح الذي يفتح جميع الأبواب في هذا العالم إلا باب السعادة. وأرجو وأنا فقير أن أكون أقلَّ تعاسة"!

ومن عدة سنوات كتبت الجرائد الأمريكية عن واحد من أغنى وأنجح الأدباء، والحاصل على جائزة نوبل للأدب، الأديب الشهير سومِرست ميوجام Somerset Maugham وكان يحتفل بعيد ميلاده التسعين حين قال: "لقد يئست وتعبت جدًا من الحياة؛ فالتعاسة والسأم والشقاء لا يمكن احتمالها، ولقد واجهت الموت مرات عديدة، وبالرغم من رعب الموت والمجهول ومن قباحته، لكن عندما يصافحني الموت أشعر أن يده أدفأ من يديَّ ومن البرودة الداخلية لحياتي التي بلا معنى"!

صديقي القارئ العزيز صديقتي القارئة العزيزة.. ربما تكون قد سمعت تلك القصة الحقيقية التي حكاها واعظ مشهور في أحد كتبه عن إنسان كان يشعر بالتعاسة والشقاء والاكتئاب؛ فتوجَّه لأشهر طبيب نفسي في البلدة، وبعد حديث مطوَّل مع الطبيب النفساني، وقبل أن ينصرف قال الطبيب النفساني للرجل المكتئب الحزين: "وجدت علاج سريع لمشكلتك، ففي مسرح المدينة يوجد عرض كوميدي رائع يقوم به ممثل إيطالي موهوب، ليلة بعد الأخرى، يغرق المشاهدين في بحر الفكاهة. اذهب للمسرح وأحضر العرض وأغسل همومك بالضحك الشديد لعدة ساعات". فأجاب المريض بنبرة حزن ويأس وهو يصافح الطبيب منصرفًا: "هذا لن يفيدني يا دكتور، فأنا هو الممثل الكوميدي الإيطالي نفسه. أنا أُضحك الناس، ولكن من يضحكني أنا؟"!

صديقي صديقتي وبالطبع سمعت عن أحكم وأغنى ملك في العالم حين قال: «وَجَّهْتُ قَلْبِي لِلسُّؤَالِ وَالتَّفْتِيشِ بِالْحِكْمَةِ عَنْ كُلِّ مَا عُمِلَ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ. هُوَ عَنَاءٌ رَدِيءٌ جَعَلَها الله لِبَنِي الْبَشَرِ لِيَعْنُوا فِيهِ... وَمَهْمَا اشْتَهَتْهُ عَيْنَايَ لَمْ أُمْسِكْهُ عَنْهُمَ. لَمْ أَمْنَعْ قَلْبِي مِنْ كُلِّ فَرَحٍ، لأَنَّ قَلْبِي فَرِحَ بِكُلِّ تَعَبِي... ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ: فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ!» (جامعة 1: 13؛ 2: 10 ،11).

أسمعك تقول لي: لماذا هذا التشاؤم؟ ونحن في بداية العام، وأنا في مقتبل العمر، وأنا لست ملك البترول جون روكفِلر، ولا أنا الأديب الحاصل على جائزة نوبل سومِرست ميوجام، ولا أنا الممثل الكوميدي الإيطالي، ولا أنا سليمان الحكيم. أكيد سأجد السعادة في العالم؛ سأبحث عنها ولا بد أن أجدها!

صديقتي صديقي أتمنى لك السعادة لكني أؤكد لك باليقين والحق أن الرب يسوع المسيح قد وضح الأمر تمامًا، أسمعه يقول لك: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضً. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (يوحنا4: 13 ،14). وهذه بعض الأسباب التي توضِّح لماذا مياه العالم لا تروي، ولماذا كل ما يظنَّه العالم أنه مصدر للفرح والسعادة لن يسعد الإنسان:

1-البئر عميقة: هكذا قالت السامرية: «يَا سَيِّدُ لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ» (يوحنا4: 11)؛ فالقلب البشري وأغواره لن ترويه كل مياه العالم، فهرم ماثلو، الذي يتحدث عن احتياجات الإنسان الأساسية، يؤكد أن هذه الاحتياجات لن تتحقق حتى ولو امتلك الإنسان كل العالم؛ فالإنسان يحتاج، وبلا حدود، إلى: 1- الحب والحنان، 2- الصحة والبنيان، 3- التمتع بالأمان،

4- الغرائز كالنيران، 5- النجاح الفتَّان. وهذه لن يقدِّمها لك العالم أبدً.

2-مياه ميتة: عكس الماء الحي، فكل سعادة ورجاء أرضي ينتهي عند القبر، ومرتبطة بالخطاة الأموات، الموت الأدبي (أفسس2: 1)، الجسدي (يعقوب2: 26)، والأبدي (رؤيا20: 14).

3- تصير مُرَّة: «وأسقيهم ماء العلقم» (إرميا9: 15). «لم يقدروا أن يشربوا ماء من مارّة لأنه مُرّ» (خروج15: 23). تذكَّر أمنون وثامار (2صم13: 15). وذلك عكس الماء المُعطي السعادة الذي أوصى به المسيح «امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً» (يوحنا2: 7).

4-تؤدّي للهزيمة: اقرأ قضاة1: 7-9.

5-رديّة: «هُوَذَا مَوْقِعُ الْمَدِينَةِ حَسَنٌ كَمَا يَرَى سَيِّدِي، وَأَمَّا الْمِيَاهُ فَرَدِيئَةٌ وَالأَرْضُ مُجْدِبَةٌ» (2ملوك2: 19).

6- تكون مسروقة: ولكن الحقيقة أن المسروق لن يروي بالرغم من قول الأشرار: «المياه المسروقة حلوة» (أمثال9: 17).

7- قصة دوران: «كُلُّ الأَنْهَارِ تَجْرِي إِلَى الْبَحْرِ، وَالْبَحْرُ لَيْسَ بِمَلآنَ. إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي جَرَتْ مِنْهُ الأَنْهَارُ إِلَى هُنَاكَ تَذْهَبُ رَاجِعَةً» (جامعة 1: 7)؛ فهي متعبة وباطلة (جامعة2: 1-11).

8- باهظة الثمن: فالرب يقول «أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا: هَلُمُّوا إِلَى الْمِيَاهِ! وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ: تَعَالُوا اشْتَرُوا وَكُلُوا! هَلُمُّوا اشْتَرُوا، بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ، خَمْرًا وَلَبَنً. لِمَاذَا تَزِنُونَ فِضَّةً لِغَيْرِ خُبْزٍ، وَتَعَبَكُمْ لِغَيْرِ شَبَعٍ؟» (إشعياء55: 1-2).

9- تجف سريعا: فهي «آبارًا آبارًا مشقَّقة لا تضبط ماء» (إرميا 2: 13).

10-لن تروي في الجحيم: قال الغني لإبراهيم «أرسل لعازر ليبلّ طرف إصبعه بماء ويبرِّد لساني» (لوقا16: 24).

هل تأتي الآن للرب يسوع الذي عطش على الصليب لأجلك، ليمتِّعك بالماء الحي والفرح الحقيقي؟

ألا تصلّي معي:

صلاة:

شربت الأنهار والبحار،

ولم أجد في العالم إلا المرار،

وطعم العلقم والانهيار؛

فأرحمني وفرحني وأنزع عني العار.

آمين.