ذهب الرب يسوع وتلاميذه إلى الهيكل، فتقدَّم التلاميذ ليروه أبنية الهيكل فقال لهم «أما تنظرون جميع هذه؟ الحق أقول لكم أنه لا يُترك ههنا حجر على حجر لا يُنقض». وهنا تقدَّم التلاميذ ليسألوه «قُلّ لنا متى يكون هذا؟ وما هي علامة مجيئك وإنقضاء الدهر؟».
ونقف هنا أمام سؤال هام ينقسم إلى ثلاثة أسئلة متميّزة:
- متى يكون هذا (الخراب)؟
- ما هي علامة مجيئك؟
- ما هي علامة إنقضاء الدهر؟
هذا يقودنا إلى بعض الاسئلة الاساسية التي علينا أن نعرف الاجابة عليها، لأنها تحدِّد مصيرنا حاضرًا ومستقبلاً.
- هل هناك نهاية للحياة الأرضية الحاضرة، أم تسير الحياة كما هي الآن إلى ما لا نهاية؟
- هل سيأتي المسيح ثانية إلى الأرض؟ ولماذا ومتى يحدث هذا؟
عندما نرجع إلى كلمة الله الصادقة نستطيع أن نجد الإجابة الواضحة الصحيحة على هذه الاسئلة:
أولاً: هل هناك نهاية للحياة الزمنية الأرضية؟
يقول الإنسان: «من حين رقد الآباء كل شيء باقٍ هكذا من بدء الخليقة» (2بطرس3: 4). «دور يمضي ودور يجيء والأرض قائمة إلى الأبد... ما كان فهو ما يكون والذي صُنع
فهو الذي يُصنع؛ فليس تحت الشمس جديد» (اقرأ جامعة1: 4-11).
ويقول الله في كتابه: «هذا يخفى عليهم بإرادتهم... السماوات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها، محفوظة للنار إلى يوم الدين وهلاك الناس الفجّار» (2بطرس3: 5-7). «ثم رأيت عرشًا عظيمًا أبيض، والجالس عليه الذي من وجهه هربت الأرض والسماء ولم يوجد لهما موضع» (رؤيا20: 11). «ثم رأيت سماءً جديدة وأرضًا جديدة؛ لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضت. والبحر لا يوجد فيما بعد» (رؤيا21: 1).
من هذا كله نعرف، ونؤمن يقينًا، أنه سوف يأتي وقت فيه ستنتهي الحياة الحاضرة تمامًا، بل ستزول الأرض والسماء المخلوقة، ويضع الله كل شيء جديدً.
ثانيًا: هل سيأتي المسيح ثانية، ولماذا ومتى؟
1- هل سيأتي ثانية؟
نعم سيأتي ثانية بكل تأكيد كما نقرأ في كلمة الله:
قال الرب لتلاميذه: «أنا أمضي لأعدّ لكم مكانً. وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا، آتي أيضًا وآخذكم إليّ؛ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا» (يوحنا14: 2 ، 3).
ويقول أيضًا: «يبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير» (متى24: 30).
وقال الملاكان للتلاميذ بعد صعود الرب يسوع: «إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء، سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء» (أعمال1: 11).
ويكتب بولس الرسول بالوحي الإلهي: «الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء» (1تسالونيكي4: 16).
ويكتب يوحنا الرائي بالروح القدس: «هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين» (رؤيا1: 7).
2- لماذا سوف يأتي ثانية؟
أ) سيأتي أولاً لأختطاف جميع المؤمنين الحقيقيين وإدخالهم إلى الراحة الأبدية في بيت الآب:
«آتي أيضًا وآخذكم إليّ؛ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا» (يوحنا14: 3).
«سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولاً. ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب» (1تسالونيكي 4: 16 ،17).
ب) وفي وقت لاحق سيأتي ليُعلن مجده وينفِّذ قضاءه على الأرض:
«ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميِّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء» (متى 25: 31 ،32).
«معطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح، الذين سيُعاقَبون بهلاك أبدي من وجه الرب ومن مجد قوته؛ متى جاء ليتمجد في قديسيه ويُتعجب منه في جميع المؤمنين» (2تسالونيكي1: 8-10).
3- متى سوف يأتي وما هي العلامات المسبقة لذلك:
مما سبق نفهم أنه سوف يأتي على مراحل متعاقبة نلحظها في الآتي:
أ) المجيء لاختطاف المؤمنيين الحقيقيين:
هذا المجيء يمكن أن يحدث في أي لحظة، بلا مقدمات. وهو مجيء سري، غير منظور، لكي يأخذ جميع المؤمنيين الحقيقيين في لحظة في طرفة عين.
ب) المجيء لدينونة الأحياء وإقامة المُلك السعيد على الأرض:
بعد اختطاف المؤمنيين الحقيقيين ودخولهم بيت الآب، سيدخل العالم في ضيق عظيم لم يسبق له مثيل، وهذا ما تكلم عنه الرب يسوع في متى24، ونراه بالتفصيل في سفر الرؤي. كما سيظهر في هذه الفترة ضد المسيح، المعروف بالمسيح الكذاب. ومعه أيضًا سيظهر رئيس عالمي قوي يسيطر على العالم سياسيًا واقتصاديًا، ويتحالف مع المسيح الكذّاب لإبعاد البشرية عن الله في تحالف كامل مع الشيطان. وهذا كله يعطي العلامات الواضحة على قرب ظهور المسيح؛ حين يظهر المسيح بقوة ومجد عظيم لدينونة الساكنين على الأرض، ثم تطهيرها من كل ما أصابها بسبب دخول الخطية فيها، ثم يقيم مُلكًا سعيدًا، في نهايته يتمِّم الدينونة الأخيرة على الأموات الذين رفضوا الله في حياتهم. وأيضًا تزول الأرض والسماء الحاضرة، ثم يخلق الله سماءً جديدة وأرضًا جديدة يسكن فيها مع الإنسان.
والآن أسألك عزيزي القارئ أين أنت من كل هذا؟ إنك لا بد أن تقابل المسيح وجهًا لوجه، فهل ستقابله فرحًا متهللاً وتدخل معه إلى بيت الآب؟ أم ستقابله مرتعِبًا كالدّيان الذي سوف يطرحك في العذاب الأبدي؟ اسمع لقول الكتاب: «اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم» (عبرانيين4: 7).