هو رقم الطاقة البشرية· فأصابع كلتا اليدين معًا عشرة؛ وبالتالي فإنها تصوِّر ما يقدر الإنسان أن يقدِّمه أو أن يفعله·
وحيث أن هذه هي الطاقة البشرية فقد أصبح هذا الرقم "10" في الكتاب المقدس مقياسًا لمسئولية الإنسان· فالإنسان مسئول بقدر ما في وسعه أن يفعل وأن يقدِّم·
ويرتبط بذلك أيضًا أن الرقم عشرة هو رقم الامتحان، هل يقدِّم الإنسان ما يقدر عليه أم لا؟
رقم المسئولية
أوضح الصور لمسئولية الإنسان نجدها في لوحي الشريعة، التي سلمها الله لموسى ليعطيها للشعب قديمًا، وهي المعروفة بـ"الوصايا العشر" (خروج34: 27 ،28؛ تثنية4: 13)·
وكان على الإنسان أن يقدِّم لله عُشرًا من كل ما يمتلك، وهي تلك المسماة بـ"العشور" (تكوين 28: 22؛ تثنية 14: 22)·
وكان على كل واحد من بني إسرائيل أن يدفع فضة لكفارة نفسه، الفقير لا يُقلِّل عن القيمة، والغني لا يزيد عليها· وكانت القيمة هي "عشر جيرات" (وهي مبلغ بسيط يعادل حوالي ستة جرامات من الفضة)·
ونجد الرقم عشرة أيضًا في شفاعة إبراهيم أمام الله عن سدوم، حيث توقف إبراهيم عند القول: «عسى أن يوجد هناك عشرة» (تكوين 18: 32)· فأقل من ذلك ما كانت تستحق سدوم أن تبقى في الوجود·
وفرعون ملك مصر أيام موسى، قسّى قلبه عشر مرات، وأتت عليه عشر ضربات، هي المعروفة بـ"الضربات العشر" (خروج7-11)·
وخروف الفصح الذي ذُبح ليفدي البكر من شعب إسرائيل أُحضر في اليوم العاشر من الشهر الأول· وهو يرمز للمسيح الذي احتمل مسئولية الخطية عوضًا عنا (خروج12: 3؛ 1كورنثوس 5: 7)·
وخيمة الاجتماع كانت مغطّاة بعشر شُقق جميلة، كانت هذه الشقق العشر تُكوِّن ما يسمى بالمسكن (خروج26: 1)· وكانت هذه الشقق العشر، خمس شقق مقابل خمس شقق، موصولة ببعض· وهي ترمز للمسيح، الذي غطى المسئولية التي كانت علينا، سواء تجاه الله أو تجاه الإنسان·
ولقد دخل الشعب إلى أرض كنعان على عهد يشوع بن نون في العاشر من الشهر الأول· وكان ذلك بعد أربعين سنة من خروجهم من أرض مصر (يشوع 4: 19)·
وفي العهد الجديد يشبَّة ملكوت السماوات بعشر عذارى (مت25)؛ خمس حكيمات (يمثلن المؤمنين)، وخمس جاهلات (يمثلن مجرد المعترفين دون إيمان حقيقي)· وكل من المسيحيين، سواء كانوا مؤمنين حقيقين أم لا، هم مسئولون، واليوم الأخير سيبيّن حقيقة حالتهم·
في مثل العبد الشرير كان العبد مديونًا للملك بعشرة آلاف وزنة· وهو دين ثقيل يساوي ملايين الدولارات الأمريكية اليوم· وهذا الدين الثقيل يمثل ديننا نحن الخطاة لله·
رقم الامتحان
كان نوح هو العاشر من آدم· وهذا معناه أن الله انتظر طويلاً على البشرية الفاسدة بعد السقوط في الجنة (عشرة أجيال)، فلما ثبت فشلها قرّر الله إغراق العالم كله بمياه الطوفان (تكوين 5؛ 6)·
وبعد نوح أتى إبراهيم، وكان إبراهيم هو العاشر من نوح· فانتظر الرب أيضًا على البشرية بعد الخروج من الفلك عشرة أجيال، اتضح فيها تهَوّر البشر في عبادة الأوثان، فاختار الله إبراهيم ليكون شاهدًا له في العالم الوثني·
عندما ذهب عبد إبراهيم ليخطب رفقة لإسحاق، قال أخو رفقة وأمها: «لتمكث الفتاة عندنا أيامًا أو عشرة (أي على الأقل عشرة أيام)· بعد ذلك تمضي» (تكوين 24: 55)· فكانت إجابة العبد: «لا تعوقوني والرب قد أنجح طريقي»
وفي رحلة بني إسرائيل في البرية، التي ميزها عدم الإيمان، نقرأ أنهم جربوا الرب في البرية عشر مرات (عدد14: 22 ،23)·
ومرة أخرى نقرأ عن الرقم عشرة في قصة دانيآل عندما قال لمسئول التغذية في قصر نبوخذنصر: «جرِّب عبيدك عشرة أيام· فليعطونا القطاني (البقول) لنأكل، وماء لنشرب··· وعند نهاية العشرة الأيام ظهرت مناظرهم أحسن وأسمن لحمًا من كل الفتيان الآكلين من أطايب الملك» (دانيآل1: 12-15)·
رقم الطاقة البشرية
في قصة خطبة رفقة لإسحاق، التي أشرنا إليها منذ قليل، نقرأ أن عبد إبراهيم أخذ معه عشرة جمال محمَّلة من خيرات إبراهيم، ومضى إلى أرام النهرين ليخطب رفقة· وطبعًا هو لم يأخذ معه كل الخيرات، بل على قدر الطاقة·
وفي سفر الرؤيا، قال الرب لملاك كنيسة سميرنا، وهي الكنيسة المضطهَدة من العالم والشيطان: «يكون لكم ضيق عشرة أيام» (رؤيا2: 10)· وكأن الرب لم يسمح بالضيق إلا على قدر الطاقة·
عزيزي الشاب وعزيزتي الشابة: تُرى هل أنت تقدم طاقتك للرب الذي خلقك وهو مصدر قوتك، والمسيح الذي فداك وهو مصدر حياتك الأبدية؟