الرقم ”12“ هو رقم خليقة الله، ونظام الله في هذه الخليقة.
فالسماء مقسَّمة إلى اثني عشر بُرجًا، وبالدوران حولها تكتمل السنة. ولهذا كان عدد شهور السنة منذ القديم هو اثني عشر شهرًا (انظر رؤيا 22: 2).
وليس فقط عدد الشهور اثنا عشر، بل أيضًا عدد ساعات النهار (انظر يوحنا 11: 9)، ومثلها ساعات الليل.
ومن هذا يمكن اعتبار أن الرقم ”12“ يعبِّر عن إدارة الله وتنظيمه فى الخليقة.
ولهذا فإننا في الكتاب المقدس نقرأ عن هذا الرقم كثيرًا:
فنقرأ في العهد القديم عن أولاد يعقوب الاثني عشر، ومنهم تكوَّن الشعب الأرضي، أو الأمة الإسرائيلية بأسباطها الاثني عشر.
ويرتبط بعدد الأسباط أن كان هناك 12 حجرًا كريمًا توضع علي صُـدرة رئيس الكهنة (خروج28)، في ثيابه الرسمية المجيدة؛ وكذلك كان هناك 12 رغيفًا، توضع علي مائدة خبز الوجوه في القدس (لاويين24: 5). وكانت هذه وتلك تمثِّل أسباط إسرائيل، أي تمثِّل الأمة بأسرها.
وبعد ذلك، في تاريخ الشعب، نقرأ أن القضاة، الذين حكموا الشعب، والمذكورين في سفر القضاة كان عددهم 12 قاضيًا.
كما نقرأ عن النبي إيليا، أثناء قيامه بواحد من أعظم معجزاته، أنه رمَّم مذبح الرب المنهدم، من اثني عشر حجرًا (1ملوك18)، على عدد أسباط إسرائيل.
ولقد كان مُلك سليمان هو أعظم كل الحقب في تاريخ إسرائيل الماضي، وهو من زاوية يُعتبر صورة لمُلك المسيح العتيد، الذي هو مُلك السلام. وكثيرًا ما نقرأ عن الرقم 12 بالارتباط به، فنقرأ عن:
12 ثورًا أُقيم عليها بحر النحاس في هيكل سليمان (2أخبار4: 4).
وعن 12 أسدًا علي درجات عرش سليمـان (1ملوك10: 20).
وعن 12 وكيلاً لسليمان (1ملوك4: 7).
وفى العهد الجديد نقرأ أيضًا عن هذا الرقم:
فلقد أقام المسيح 12 رسولاً أرسلهم أولاً إلى شعبه الأرضي (متى10: 5-7)، ثم إلى كل العالم (متى 28: 16-19).
وفي معجزة إشباع الخمسة الآلاف، نقرأ عن 12 قفة مملوءة كِسرًا فاضلة من معجزة الإشباع هذه (متى14: 20؛ مرقس6: 43؛ لوقا9: 17؛ يوحنا6: 13).
والمسيح، عند القبض عليه في بستان جثسيماني، قال لبطرس: «أ تظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيُقَدِّم لي أكثر من اثني عشر جيشًا من الملائكة؟ فكيف تكمل الكتب، أنه هكذا ينبغي أن يكون؟» (متى26: 53، 54).
كما نقرأ عن الآتي:
12 مرة في العهد الجديد يُشار للمسيح أنه ”ابن داود“.
وفي إنجيل يوحنا يَرِد عن المسيح اللقلب ”ابن الإنسان“ 12 مرة.
وفي سفر الرؤيا نقرأ كثيرًا عن هذا الرقم. فنقرأ مثلاً عن 12 ألفًا من كل سبط من أسباط إسرائيل الاثنى عشر (رؤيا 7: 1-8).
وفي المدينة السماوية المذكورة في رؤيا21: 9 إلى22: 4 نقرأ عن 12 بابًا للمدينة، وعلى الأبواب 12 ملاكًا، ونقرأ عن 12 أساسًا لسور المدينة، وعن 12 لؤلؤة (كل باب عبارة عن لؤلؤة). وكانت أبعاد المدينة 12 ألف غلوة (وهو بُعد هائل، يعادل تقريبًا المسافة من الحدود الشمالية لمصر، لغاية الحدود الجنوبية للسودان). كما أن سور المدينة 144 ذراعًا (أي 12×12). ويُذكَر هذا الرقم بالارتباط بالمدينة السماوية نحو 12 مرة!
ونختم الحديث عن هذا الرقم بإشارة جميلة إلى المسيح، عندما كان يبلغ من العمر اثنى عشر عامًا (لوقا 2: 42-51). كيف كان جالسًا وسط الشيوخ في الهيكل، يسمعهم ويسألهم، وكل الذين سمعوه بُهتوا من فهمه وأجوبته. وهو درس جميل لكل الشباب الناشئ: هل محضر الرب له تقدير عندنا؟ وهل نحفظ كلمة الله ونهتم بفهمها، كما كان يفعل المسيح قدوتنا؟ ثم، ما كان أجمل ردّ الرب يسوع على أمه، عندما وجدته في هذا المكان في اليوم الثالث، قال لها: «ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟». وكانت هذه هي الكلمات الأولى المسجَّلة للمسيح في حياته، وهي كلمات رائعة، لا سيما إذا قارناها بآخر كلمات مسجَّلة للمسيح في هذا الإنجيل، إنجيل لوقا، عندما قال لتلاميذه: «هكذا هو مكتوب، وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألّم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث» (لوقا24: 46).
لقد عاش المسيح بالمكتوب، وحرص على أن يتممه، وذلك من أول حياته إلى نهايتها!