الفادي العظيم

تأثرت جدًا وأنا أقرأ هذه القصة الحقيقية التي وردت في جَريدَتَي “الأخبار المصرية” و“المصري اليوم”، يوم الثلاثاء 13/2/2007م.  والخبر مضمونه أنه حدث ماس كهربائي عند الفجر في الكمبيوتر بالصالة أثناء نوم الأسرة في الشقة الواقعة  بالعقار ١٠ شارع أحمد ماهر بميدان الجيزة، في الخامسة والربع فجرًا يوم 12 فبراير 2007م.  استيقظ الأب: إيهاب ثابت (٤٥ سنة)، وهو مهندس كمبيوتر بوزارة التربية والتعليم؛ استيقظ من نومه بعد ان اشتمّ رائحة الدخان الكثيف، وفوجئ بالنار مشتعلة بالشقة.  نسي الأب نفسه، وبعاطفة الحب الجارف لأولاده وزوجته، اتجه لغرفة ابنه مايكل، البالغ من العمر 9 سنوات، وأخرجه من الشقة التي كانت تشتعل وتركه عند الجيران، ودخل مرة أخرى لينقذ ابنه الثاني مارك، 4 سنوات، ثم زوجته.  استطاع أن ينقذهم جميعًا؛ ولكنه لـم يستطع أن يخرج من الشقة في النهاية، إذ كانت النيران تلتهمها والدخان الكثيف يغطي كل المكان.  فمات الأب محترقًا، في قصة حب وفداء رائعة ونادرة، لينقذ عائلته في قصة حب وتضحية أسرت قلوب الجميع وسطرتها صفحات الجرائد المصرية بحروف من نور.

عزيزي القارئ.. عزيزتي القارئة.. هل تأثّرت معي بقصة الفداء هذه، والتي تنفي المبدأ العالمي الأناني الشهير الذي يقول: “إن جاءك الموت ضع أولادك تحت رجلك”؟  إن الأب لم يكن لديه الوقت الكافي ليفكِّر، بل كان عليه أن يختار: إما إنقاذ نفسه والهروب من المشهد، أو المخاطرة وإنقاذ الأسرة.   ولقد اختار الأصعب، فمات محترقًا لينجّي أسرته.

 

صديقي القارئ العزيز.. صديقتي القارئة العزيزة..  إن قصة المهندس إيهاب وقصص أخرى عن الحب والفداء، ما هي إلا صورة باهتة لما فعله الفادي الأعظم الرب يسوع المسيح على الصليب، لننجو نحن من نيران الجحيم الأبدي؛ مع المفارقة أن المهندس إيهاب كان عنده لحظات فقط ليأخذ قراره بالتضحية، أما الرب يسوع المسيح، كالفادي الأعظم، ففي حبه العجيب لنا أخذ قرار فدائنا قبل تأسيس العالم، فمكتوب: «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ؛ بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلَكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ» (1بطرس1: 18-20).  قال الرب يسوع: «لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ» (يوحنا15: 13).  ومكتوب: «وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» (رومية5: 8).

وبدل من أن نذهب نحن للعذاب واللهيب كما صرخ الغني: «لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هَذَا اللهِيبِ» (لوقا16: 24)، احترق الرب يسوع على الصليب بدلاً منّا.

إن الرب يسوع المسيح، عندما أتى إلى أرضنا، ومات لأجلنا على الصليب كنائب وبديل، قد احتمل كل نيران العدل الإلهي الذي كنا نستحقها، لهذا صرخ على الصليب: «صَارَ قَلْبِي كَالشَّمْعِ. قَدْ ذَابَ فِي وَسَطِ أَمْعَائِي» (مزمور22: 14)، «أَمَا إِلَيْكُمْ يَا جَمِيعَ عَابِرِي الطَّرِيقِ؟  تَطَلَّعُوا وَانْظُرُوا إِنْ كَانَ حُزْنٌ مِثْلُ حُزْنِي الَّذِي صُنِعَ بِي، الَّذِي أَذَلَّنِي بِهِ الرَّبُّ يَوْمَ حُمُوِّ غَضَبِهِ.  مِنَ الْعَلاَءِ أَرْسَلَ نَارًا إِلَى عِظَامِي فَسَرَتْ فِيهَا» (مراثي1: 12، 13).

كانت ذبائح العهد القديم تُحرق على المذبح (لاويين 1-6)، وكانت النار لا تنقطع عن المذبح أبدًا «وَالنَّارُ عَلَى الْمَذْبَحِ تَتَّقِدُ عَلَيْهِ.  لاَ تَطْفَأُ.  وَيُشْعِلُ عَلَيْهَا الْكَاهِنُ حَطَبًا كُلَّ صَبَاحٍ، وَيُرَتِّبُ عَلَيْهَا الْمُحْرَقَةَ، وَيُوقِدُ عَلَيْهَا شَحْمَ ذَبَائِحِ السَّلاَمَةِ.  نَارٌ دَائِمَةٌ تَتَّقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ. لاَ تَطْفَأُ» (لاويين6: 12، 13).  والرب يسوع احترق لأجلنا على الصليب، لا لينجّينا من مجرد حريق شقة، بل من نيران أبدية، أقسى بما لا يُقاس، في بحيرة النار والكبريت «وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَروفِ. وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ...  وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَارًا وَلَيْلاً إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ» (رؤيا 10:14، 11؛ 10:20).

فهل تأتي الآن، وأنت تقرأ هذه المجلة، إليه، فيخلِّصك من نيران الجحيم التي تنتظر كل من لم يؤمن، لكي تنجو مما قاله الرب يسوع محذِّرًا: «وَتَمْضِيَ إِلَى جَهَنَّمَ إِلَى النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ، حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ» (مرقس9: 43، 44).

تعالَ وصلِّ معي..

صلاة:

يا مَن بذلت نفسك ذبيحة وضحية في أعظم قصة فداء حقيقية،

أشكرك لأنك أظهرت لي المحبة الإلهية..

استلم حياتي وانقذني من النيران الأبدية،

واستخدمني لمجدك طوال أيامي الباقية ..

آمين.