كان المُزارع آخذًا طريق عودته من حقله إلى منزله، وكان حصانه العجوز يتقدمه، ومِن خلفه مجموعة من الأبقار يقودها، وكانت الشمس تميل إلى الغروب. وفجاة.. سمع صوت صهيل حصانه عاليًا ولم يجده أمامه. فاقترب بحرص من صوت الحصان؛ فإذا به قد سقط في بئر عميقة جافة. وهناك رأى حصانه يتلوّى ويصرخ من الألم إثرَ سقوطه من هذا الارتفاع الشاهق على الأرض الجافة. ظلَ المُزارع يُفكـِّر محاولاً إيجاد طريقة يُخرِج بها حصانه الغالي عليه من البئر، ولكنه اكتشف أن كل الطرق ستكون مُكلِّفة جدًا.
لذلك بعد تفكير كثير اقتنع المُزارع بأن حصانه قد أصبح عجوزًا، وأن تكلفة إخراجه ستكون قريبة جدًا من تكلفة شراء حصان جديد، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردمها بشكلٍ أو بآخرٍ.
وهنا قرَّر المُزارع أن يدفن حصانه داخل البئر، وبذلك يكون قد استطاع أن يحل المشكلتين في آنٍ واحدٍ: يدفن حصانه العجوز، ويردم البئر الجافة حتى لا يسقط أحد بها.
استعان المُزارع بأهل بلدته لمساعدته في ردم البئر؛ وهكذا أحضر الجميع الجرافات لجمع الأتربة وإلقائها داخل البئر. في بادئ الأمر أدرك الحصان حقيقة ما يَجرِى، فأخذَ في الصهيل بصوتٍ عالٍ، طالبًا النجدة والرحمة. وبعد قليل، فوجئ الجميع بانقطاع صوت الحصان. فنظروا داخل البئر وكانت دهشتهم عظيمة، فقد وجدوا الحصان مشغولاً بهز ظهره كلما سقطت عليه الأتربة، فيلقيها عن ظهره ويدهسها بأقدامه، فيرتفع هو بمقدار قليل إلى أعلى، وهكذا استمر الحال. ظل الناس يلقون بالأتربة داخل البئر فتقع على ظهر الحصان الذي بدوره يهز ظهره فتسقط الأتربة على الأرض. وبعد إلقاء الكَمّ اللازم من الأتربة لملء البئر اقترب الحصان من سطح الأرض ثم قفز قفزة بسيطة فأصبح خارج البئر.
صديقي ربما تمُر بظروف صعبة قاسية تُثقل على كتفك الحمل. وربما يكون ردّ فعلك التلقائي هو الاستسلام لهذه الضغوط. فنحن في هذه الحياة نُشبه هذا الحصان، ربما يُلقي البعض علينا بعض الأتربة، وقد يكونوا أقرب الأقربين. وربما الظروف تُلقي بأحمالها علينا، وربما هموم الحياة تُثقل على أكتافنا. وفي مُعظم الأحيان نستسلم تحت هذه الضغوط التي تتجمع يومًا فيومًا حتى تدفننا في حفرة من اليأس المريع.
لا تنتَظر الحلول من الناس
فلقد كان الحل الذي أبداه صاحب الحصان هو بمثابة قرار إعدام للحصان. ربما تكون قد اتكلت على أشخاص معيَّنين وتوقعت الخلاص من أحمالك عن طريقهم، لكن الكتاب يقول «كفّوا عن الإنسان الذي في أنفه نسمة؛ لأنه ماذا يُحسب» (إشعياء 2: 22).
بل تعالَ بحملك إلى الرب
فهو الوحيد الذي يَشعُر بك وبقسوة حملك، وهو قادر أن يعتني بك «ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم» (1بطرس5: 7). فكل الذين طلبوه وجدوه؛ فهو إله أمين لا جور فيه البتة؛ «لأنك لم تترك طالبيك يا رب» (مزمور 9: 10). فهو في وقته يمد يده ويرفعك من الآبار التي سقطت فيها، حتى وإن تجمعت فوقك الأتربة؛ «فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه» (1بطرس 5: 6).
وانتظر البركة من وراء كل حمل
ثق أنه، حتى وإن زادت الأحمال، ففي النهاية لنا الخير من إله كل الخيرات. ففي النار يُنقَّى الذهب، وتحت الطرق الشديد تُصنع أروع المصنوعات المعدنية، وتحت قوة ضغطات الفخاري تُشكل أجمل الأواني. لذلك «احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة» (يعقوب 1: 2). قال أحدهم: الأحجار التي لا تقتلنا تُقَوينا، فعلينا أن نجمعها و نبني بها مذبحًا لله. «وليس ذلك فقط، بل نفتخر أيضا في الضيقات؛ عالمين أن الضيق ينشئ صبرًا، والصبر تزكية، والتزكية رجاء، والرجاء لا يخزي لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا» (رومية 5: 3-5).
لذلك أدعوك لا أن تُحاول أن تُخرج نفسك من هذه الحفرة، ولا أن تُحاول أن تُزيح هذه الظروف مِن فَوقك فقط؛ بل أن تأتي وتلقي بها على مَن يستطيع أن يَحمْلها عنك. فكـُن فَطِنًا وتوكـَّل على الرب؛ «الفطن من جهة أمر يجد خيرًا. ومن يتّكل على الرب فطوبى له» (أمثال 16: 20).
كم لَقينا من كروبٍ حيثُ لم نُلقِ عليهِ هل تجاربٌ وضيقٌ لاطـمتنا ورمتن
|
|
واكتئاباتِ الحياةْ كلَّ حملٍ بالصلاةْ مثل أمواجِ المياهْ فعليـنا بالصـلاةْ
|