برية سيناء (الحلول حول خيمة الاجتماع)
توقف قطارنا في هذه المحطة قرابة سنة؛ رأينا من أحداثها: صعود موسى على جبل سيناء، وأخذ لوحي الشريعة ونزوله - بعد أربعين يومًا - وكسْر لوحي الشريعة عندما رأى العجل الذهبي. بعدها قال الرب لموسى «انحت لك لوحين من حجرٍ مثل الأوَّلين، فأكتب أنا على اللوحين الكلمات التي كانت على اللَّوحين الأوَّلين اللَّذين كسرتهما» (خروج34: 1). ففعل موسى كذلك وصعد لجبل سيناء وكان هناك أربعين نهارًا وأربعين ليلة أخرى. ثم نزل وكلَّم الشعب بكل وصايا الرب. ثم جمع تقدمات الرب من الشعب وصنع خيمة الاجتماع، وأُقيمت في أول الشهر الأول من السنة الثانية لخروجهم من أرض مصر (خروج40: 16).
الحلول حول خيمة الاجتماع (إقرأ سفر العدد ص1، 2)
ما أجمله وما أجوده: هل يوجد أعجب وأعظم من هذا المنظر؟! الله القدوس، ساكن السموات، يتنازل ويسكن في خيمة؟! عن هذا قال سليمان لاحقًا «لأنه هل يسكن الله حقًا على الأرض؟ هوذا السماوات وسماء السماوات لا تَسَعُكَ» (1ملوك8: 27). وهل هناك امتياز للشعب أعظم من هذا: أن الله يسكن وسطهم وهم ينزلون حوله؟! منظر من يصدِّقه؟! لكن الله قال هذا، وتمَّم ما قاله، والإيمان يقبل هذا. وهنا نرى صورة لتجسد ربنا يسوع المسيح «والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا (نصب خيمته وسطنا) ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيدٍ من الآب» (يوحنا1: 14).
إحصاء الشعب: قبل أن يُعطي الرب تعليماته لموسى بحلول الشعب حول الخيمة أمره بإحصاء الشعب ومن هذا نتعلم:
1- أن الرب السائر معنا في رحلة البرية يعرف عددنا، بل ويعرفنا بأسمائنا المكتوبة في سفر الحياة. بل وحتى شعور رؤوسنا هي محصاة عنده. ألا يطمئننا هذا؟!
2- على كل واحد، قبل أن ينزل في موضع قدس الرب، أن يتأكد من انتسابه لعائلة الله، وهل هو واحد من أولاد الله وله اليقين في القول «الآن نحن أولاد الله» (1يوحنا3: 2).
حولها ينزلون: في تناسق عجيب نرى الاثنا عشر سبطًا بخيامهم، والتي تقدَّر بحوالي 250 ألف خيمة، يحيطون بخيمة الاجتماع، واللاويون يعسكرون حولها، وموسى وهارون وأولاده قدَّام بابها، وعيون الملايين تتجه نحو عامود السحاب نهارًا وعامود النار ليلاً. وحدة عجيبة جمعت هذا الحشد الكبير ومجد عظيم ملأ المحلة. وذلك بحضور الله كمركز لشعبه.
منظر كل من يراه يقول مع بلعام «ما أحسن خيامك يا يعقوب، مساكنك يا إسرائيل» (العدد24: 5). وهنا نرى صورة للمسيح مركز ومجد الكنيسة في الوقت الحاضر وهي عابرة وسط برية هذا العالم.
كلُّ عند رايته: تحدد لكل ثلاثة أسباط جانب يعسكرون به، ولهم راية يجلسون تحتها. ومن هذا نتعلم:
- أن ربنا يسوع المسيح هو المُعلَم (علم أو راية) بين ربوة (نشيد5: 10). فهو الذي حوله يلتف المؤمنون، ومحضره يمتلئ بمجده. وهذا سيكون أيضًا في المستقبل لكل الشعوب «ويرفع رايةً للأمم ويجمع منفيِّي إسرائيل ويضمُّ مشتَّتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض» (إشعياء11: 12).
- أن الرب هو الذي يحدِّد لكل مؤمن مكانه وخدمته «وضع الله الأعضاء كلَّ واحدٍ منها في الجسد كما أراد» (1كورنثوس12: 18).
- عندما نكون حوله، وهو في وسطنا، لننتظر الروح القدس (السحابة) قبل أن ننزل أو نتحرك أو نقول أو نفعل شيئًا. فقط نجلس كل واحد تحت رايته.
- لكل دولة علمها الذي يميّزها عن سواها ويفتخر به شعبها. وهكذا المؤمنون بالمسيح مميَّزون، ولا فخر لهم في العالم «من أفتخر فليفتخر بالرب».
- أربعة رايات حول مركز واحد. فيها نرى المؤمنين في أربع رياح الأرض لهم مركز واحد وهو المسيح.
- كل ثلاثة أسباط حول راية، ورقم ثلاثة هو رقم القيامة. أي أن موت وقيامة ربنا يسوع المسيح هو أساس وحدتنا واتحادنا واجتماعنا إليه.
أخي القارئ: هل أنت متأكد من انتسابك للمسيح؟ هل أنت واحد من أولاد الله المولودين منه الولادة الجديدة؟ أم تكتفي بانتسابك لعائلة مسيحية أو للطائفة الفلانية أو لشخصية دينية؟ إن هذا لن يفيدك شيئًا إن لم تكن مؤمنًا حقيقيًا باسم ابن الله الوحيد. وإن كنت من أولاد الله؛ هل عرفت مكانك وخدمتك؟ وهل تتوق للوجود في محضره؟ ومتى حضرت هل تراه في الوسط وتقدِّره وتنتظره؟ ليتك تكون كذلك.