الكلمة اسم جليل من أسماء ربنا يسوع المسيح. ويَرِد هذا الاسم في الكتاب المقدس سبع مرات : في لوقا1: 2، يوحنا1: 1، 14 حيث يَرِد أربع مرات، رسالة يوحنا الأولى1: 1 (كلمة الحياة)، رؤيا19: 13 «ويُدعى اسمه كلمة الله».
لماذا يسمى أقنوم الابن بالكلمة؟ يقول الرسول بولس في رسالة العبرانيين1: 1 «الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه»- أي أن الابن هو الذي عبّر عن الله تعبيرًا كاملًا. الله لم يَره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر» أي أعلن الله، فهو الذي جعل الله غير المُدرَك عند البشر مُدرَكًا عند المؤمنين.
في القديم قال الله لموسى «الإنسان لا يراني ويعيش» (خروج33: 20) وقال الرب يسوع لليهود عن الآب « لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته» (يوحنا5: 37). ولكن «الكلمة» في تجسده كان هو المعبّر عن الله تعبيرًا كاملًا لاسيما عما في قلبه من محبة نحو البشر، حيث كشف لنا كل شيء عن الله: فكره، ومشيئته، وقدرته، وحكمته، ونعمته، وطبيعته وصفاته. لذلك قال المسيح لفيلبس «الذي رآني فقد رأى الآب .. أني أنا في الآب والآب فيَّ » (يوحنا14: 9، 10).
ويصف الروح القدس الرب يسوع كالكلمة في سبعة تعبيرات رائعة في إنجيل يوحنا الأصحاح الأول :
(1) «في البدء كان الكلمة» ويُرينا هذا التعبير أزلية الكلمة. أي أنه ليست له بداية «مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل» (ميخا5: 2)، «منذ الأزل مُسحت» (أمثال8: 27)، (إشعياء48: 16).
(2) «والكلمة كان عند الله» ويُرينا هذا التعبير أقنوميته المتميزة. أي أن الكلمة متميز عن الآب والروح القدس مع أنه في اتحاد كامل وفي شركة معهما.
(3) «وكان الكلمة الله» ويُرينا هذا التعبير لاهوت الكلمة، فهو الله.
(4) «هذا كان في البدء عند الله» ونرى هنا تأكيدًا للتقرير الإلهي السابق أي أزلية وتميز أقنوم الكلمة. وأيضًا نرى أن الكلمة هو موضوع لذة وشبع قلب الله.
(5) «كل شيءٍ به كان وبغيره لم يكن شيءٌ مما كان» نرى هنا الكلمة كالخالق لكل شيء ، وهذا يؤكد لنا لاهوته. أن الخلق يُنسب لله وحده. « فيه خُلق الكل» (كولوسى1: 16، 17).
(6) «فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس» نرى هنا الكلمة - الرب يسوع المسيح - كمصدر الحياة لكل الخليقة. وكذلك مصدر الحياة الأبدية لكل المؤمنين «وأنا أعطيها حياة أبدية» (يوحنا10: 28).
(7) «والكلمة صار جسدًا» نرى هنا تجسد الكلمة، أي أنه وهو الله اتخذ لنفسه جسدًا وروحًا ونفسًا إنسانية. اتخذ طبيعة أخرى علاوة على ما كان عليه منذ الأزل. ونحن نقبل حقيقة التجسد بموجب الإعلانات الصريحة في الكتاب المقدس ونقبلها بالإيمان. واتحاد الطبيعتين في شخصه المبارك - الطبيعة الإلهية والإنسانية القدوسة - كان أمرًا ضروريًا لكي يمجد الله كإنسان بحفظه وصاياه وبعمل الصليب (يوحنا17: 4) ولكي يكون مثالًا لنا نتّبع خطواته (1بط2: 21) ولكي يُجَرب في كل شيء مثلنا بلا خطية (عب2: 18) ولكي يكون في إمكانه كإنسان أن يموت على الصليب نيابة عن الخطاة وينقض أعمال إبليس ويعطي لنا الحياة الأبدية.
كم نشكر الله الذي لم يتركنا في ظلام ولكن أعلن نفسه لنا، وكشف لنا عن محبته وأمانته في المسيح يسوع - الكلمة - الذي هو صورة الله غير المنظور (كولوسي1: 15). لذلك أدعوك يا صديقى العزيز أن تعرف الرب يسوع - الكلمة الأزلي - معرفة قلبية، ذاك الذي تجسد وصُلب لأجلك لكي يعطيك الحياة الأبدية، ولنا كمؤمنين أن نتأمل فيه، فالروح القدس يقودنا إلى اكتشاف كمالاته وأمجاده، ذاك الذي هو موضوع مسرة الآب وشبع قلوبنا.