جاء في جريدة المساء بتاريخ 28/2/2008 هذا الخبر المثير: ”ابتلع ثعبان الأصلة، الموجود بحديقة الحيوان بكاليفورنيا، كلبًا ضخمًا كان بصحبة طفل صغير يزور الحديقة، ولقد وقف الطفل مذهولاً أمام هذا المنظر المرعب ولم يستطع الحركة وسط تعجب المشاهدين للموقف“.
وفي مارس 2007 ابتلع ثعبان الأصلة الضخم طفلاً سودانيًا رضيعًا في قرية ”حمر“ الواقعة على الحدود مع أثيوبيا، وفرَّ هاربًا في غفلة من والدته، التي جاءت إلى ذلك المكان لتجمع كمية من الحطب لاستخدامها كوقود، فوضعت طفلها الرضيع الذي كان يحبو باتجاه كومة من الأخشاب، لكنها فوجئت بأنه بين فكيّ الأصلة.
ويُذكر أن ثعبان الأصلة يُعتبر من أخطر الثعابين، وموطنه الأصلي بورما (جنوب شرق آسيا) ويزن 120 كيلوجرامًا، وطوله حوالي ستة أمتار، ويستطيع أن يغوص تحت الماء لمدة ساعة كاملة.
والأصلة ليس لها أسنان أو أنياب، ولكنها فقط تبتلع فريستها. وعندما تتجه لابتلاع فريستها تتجه ناحية الرأس حيث لها غريزة التمييز، إذ تدرك أن الابتلاع من جهة الرجلين قد يشكل لها معضلة.
والحية إشارة للشيطان، عدو المؤمنين الحقيقيين بالرب يسوع. والشيطان يأتي ليحاربنا بإحدى طرقه: كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو، وهذا نراه في الاضطهادات والضيقات التي يثرها على المؤمنين من أجل المسيح. أو كحية ماكرة خادعة. أو كشبه ملاك نور وهذا ما نجده في كذب ورياء المعلّمين الكذبة.
وكلمة الله تكشف لنا الكثير عن الحية:
- الحية ماكرة (تكوين 3:1؛ 2كورنثوس 11:3).
- الحية حكيمة: فهي تبتعد عن المشاكل، وتحترس من الخطر، وتتوارى عنه؛ لذلك قال الرب: «فكونوا حكماء كالحيات» (متى 10:16).
- الحية تغيِّر شكلها: والشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور (2كورنثوس11:14).
- الحية تنفث السم: كان شاول الطروسي قبل إيمانه ينفث تهدُّدًا وقتلاً على تلاميذ الرب (أعمال 9:1).
- الحية ملعونة (تكوين 3:14).
- الحية تسعى على بطنها: إشارة للانحطاط الذي صارت فيه (تكوين 3:14).
- الحية تأكل وتلحس ترابًا كل أيام حياتها (تكوين 3:14، إشعياء 65:25، ميخا 7:17)، وكان هذا قضاء من الله عليها.
- الحية تخدع وتغوي (تكوين 3:13؛ 2كورنثوس 11:3).
- الحية تلسع وتلدغ (أمثال 23:32).
- الحية بعد أن تلدغ تهرب: «الحية الهاربة» (إشعياء 27:1).
- الحية بها سُمّ، لذلك فهي قاتلة ومهلكة (مزمور 58:4، 1كورنثوس 10:9).
- بعض منها يطير: «الثعبان الُمسِم الطيار» (إشعياء 14:29)، أي له قدرة على الوثب لمسافات قصيرة.
- الحية تبتلع: «ابتلعني كتنين» (إرميا 51:34) وهنا تتكلم أورشليم عن نبوخذنصر الذي أكلها وأفناها وابتلعها.
وبنعمة الرب سأتكلم عن أمرين هما: خداع الحية وابتلاع الحية:
أولاً: خداع الحية
استخدم الشيطان الحية قديمًا في إسقاط الإنسان. فلقد ذهبت الحية إلى المرأة في الجنة، وأغوتها بأن تأكل من شجرة معرفة الخير والشر، ثم بعد ذلك أعطت رجلها آدم فأكل أيضًا معها. ولقد اعترفت المرأة للرب قائلة: «الحية غَرّتني فأكلت» (تكوين 3: 13)، ومكتوب أن «المرأة أُغويت» (1تيموثاوس 2:14). وكان أسلوب الحية هو التشكيك في أقوال الله «أ حقًّا قال الله؟!». وأيضًا تكذِّب أقوال الله. ولقد حذر الرسول بولس مؤمني كورنثوس من خداع الحية فقال لهم: «لكنني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها، هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح» (2كورنثوس 11: 3). أي أن العدو يريد أن يفسد أذهان المؤمنين عن بساطة الإيمان التي في الحق المسيحي.
وليس فقط خداع الحية في التعليم، لكن أيضًا في السلوك. فلقد انخدع شمشون بغواية دليلة، فحلقت له سبع خصل شعره، وفارقه الرب، وبالأسف قُلعت عيناه، وصار يطحن في بيت السجن. لكن من ناحية أخرى، انتصر يوسف على إغراء امرأة فوطيفار، لأنه وضع قداسة الله أمام عينيه، فهرب من ذلك المكان. ولقد أكرمه الرب في النهاية وصار عظيمًا في كل أرض مصر.
ثانيًا: ابتلاع الحية
الشيطان عدو المؤمنين، يريد أن يبتلعهم، ولكنه ليقدر لأنهم خراف المسيح الغالية، وهم في يد المسيح القوية والقديرة. ولقد قال الرب يسوع عن خرافه: «ولا يخطفها أحد من يدي» (يوحنا10:28)، وقال الرسول بطرس للمؤمنين:«أنتم الذين بقوة الله محروسون» (1بطرس1:5).
وإن كان الشيطان، الذي هو الحية القديمة، فأولاده هم حيّات أولاد أفاعي (متى 23: 33). فهو الشرير وهم أشرار، ومكتوب: «فم الأشرار يبلع الإثم» (أمثال19:28). والأشرار دائمًا يريدون ابتلاع المؤمنين، لكننا نجد عناية الرب وحفظه لشعبه بطريقة عجيبة؛ فلقد أراد هامان الرديء أن يقتل ويهلك ويبتلع كل اليهود الذين في مملكة أحشويرش، لكن الله القدير تدخَّل في اللحظة الحاسمة، وأبطل مشورته الرديئة، وهلك هامان وأُنقذ شعب الله من فم العدو.
ولقد تغنى المرنم معترفًا بفضل الرب قائلاً: «لولا الرب الذي كان لنا، عندما قام الناس علينا. إذًا لابتعلونا أحياء عند احتماء غضبهم علينا» (مزمور124:2،3)، وأيضًا «إن كان الله معنا فمن علينا» (رومية 8: 31).
أخي.. أختي.. إن صفة الحية منذ القديم هي الإغراء والخداع، ولا تزال كذلك. لذلك أحذر من إغرائها وخداعها، لأن النتائج مُرّة وخطيرة، والسقوط ليس إلا نتيجة لعدم السهر والانتباه إلى مكايد إبليس. وكما انتصر ربنا يسوع على الحية وهو على الجبل، وذلك بقوة المكتوب (متى4)؛ علينا أن نعيش حياة الصلاة المستمرة، والشبع الدائم بالرب وبكلمته المقدسة، فننتصر على هذا العدو. ويجب أن نعلم أيضًا أن إبليس قد هُزم في الصليب، وذلك لأن نسل المرأة (المسيح) قد سحق رأس الحية (الشيطان)، وأننا كمؤمنين محفوظين ليسوع المسيح ولا تقدر الحية أن تبتلعنا، متذكرين قوله المبارك: «الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد» (يوحنا 17:12).