كانت الساعة تقترب من الخامسة فجر الخميس الموافق 10/7/2008م، وكان هاتف العريس عماد، والذي كان ستزف عروستة أستر إليه بعد ثلاثة أيام، لا يهدأ من الرنين؛ حيث كانت العروس تحركت في القطار المتجه من أسيوط للقاهرة. قالت له: عماد حبيبي اقتربنا من محطة الجيزة. فقال لها: يا خطيبتي الغالية أنتظرك على أحَرِّ من الجمر.
وصل القطار إلى محطة رمسيس، فنزلت العروس وهي تبحث عن عريسها في زحمة الركاب على رصيف المحطة، ولكن لم تجده! ترك الركاب رصيف المحطة، وظلت “أستير” وحدها مع أقاربها يبحثون عن عماد، وهي تتصل على تليفونه المحمول دون أن يرد عليها أحد.
أخذت أستير تاكسي من المحطة لبيت خطيبها، وهي مستمرة الاتصال بالموبايل دون أن يجيبها أحد. وأخيرًا جاء ردٌ، لكنه لم يكن صوت عماد في هذه المرة بل صوت أخته وهي تجهش بالبكاء قائلة: “أستر.. عماد مات”! مات العريس قبل الفرح بثلاث ليالٍ!!!
اقتربت أستير المصدومة، بصدمة تفوق صدمة تيار كهربائي صاعق، من البيت حيث كانت الصرخات والآهات والنحيب يتعالى من عائلة العريس، التي بدأت تتجمع تحت المنزل لا لتستقبل العروس بالورد والموسيقى بل بالدموع والحيرة. فماذا حدث للعريس عماد؟
دخلت العروس البيت وهي تصرخ: “ماذا حدث؟ لقد كان يتكلم معي حتى دخولي محطة الجيزة وقال لي إنه نازل من البيت لاستقبالي؟”.
عرفت أستير أن عماد، بعدما جهز الكراسي والأضاءة، وتابع صوان الفرح والموسيقى، وأنتهى من كل شيء؛ دخل إلى الحمام ليستحم ليذهب لاستقبال عروسه، ثم نزل من بيته ليتجه لمحطة السكة الحديد. وعندها تذكر الثلاجة، وصعد مرة أخرى ليقول لأخته: “أريد أطمئن على المثلجات”. وعندما شعر أن الثلاجة لا تعمل جيدًا، بدأ يحرك الأسلاك من خلف الثلاجة. وكان القدر أسرع منه، حيث انتشبت الكرباء في جسده الذي يبدو أنه كان ما يزال مبتلاً، ولم تترك الكهرباء العريس إلا جثة هامدة.
لقد مات عماد الشاب الذي كان يتمتع بصحة جيدة قبل ساعات من الزفاف السعيد، والموت لا يتوقف عند سن معين. «أنتم الذين لا تعرفون أمر الغد! لأنه ما هي حياتكم؟ إنها بخار، يظهر قليلاً ثم يضمحل» (يعقوب 4: 14). فهل تستغل الوقت المتاح لك الآن؟ فأنت وأنا لا نعرف أمر الغد!
مكتوب: «في وقت مقبول سمعتك، وفي يوم خلاص أعنتك.هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص».(2كورنثوس 6: 2). و«الله الآن يأمر جميع الناس، في كل مكان، أن يتوبوا، متغاضيًا عن أزمنة الجهل. لأنه أقام يومًا هو فيه مُزمع أن يدين المسكونة بالعدل، برجل قد عيَّنه مقدمًا للجميع إيمانا إذ أقامه من الأموات»
(أعمال17: 30، 31).
رأفت تادرس- القاهرة