أسافر كثيرًا في القطارات وذلك بحكم عملي كخادم إنجيل متجول.. ومن تكرار سفري اعتدت على رؤية الكثير من المواقف الطريفة؛ واحد ينسى حقيبته، أو تليفونه المحمول، أو حتى ينسى تذكرته.. هذا وارد. لكن ما حدث في يوم الأحد ٨ يونيه 2008، وبالتحديد في قطار ٩٣٥ المتجه من الأقصر إلى الأسكندرية، فهذا هو العجب وكل العجب..
كنت راكبًا القطار، متجها إلى الأسكندرية، لأخدم في مؤتمر خاص بدار للأيتام؛ كان رجل يجلس على مقعده خلفي، وبجواره ابنه الذي يبلغ من العمر حوالي ثلاث سنوات. نزل الرجل من القطار في محطة الجيزة، ونسي ابنه النائم بجواره داخل القطار!
تذكَّر الأب بعد نزوله أنه نسي ابنه، فأبلغ شرطة السكة الحديد. وعند محطة القاهرة دخل رجال الشرطة مشكورين عربة القطار، وأخذوا الابن النائم بعد أن أيقظوه. وقتها أخذ الولد يبكي بشدة، من هول الصدمة، ويصرخ قائلاً: “فين بابا؟! فين بابا؟!.. أنا عايز بابا!.. أنا عايز بابا!”
أثار هذا المشهد جميع ركاب عربة القطار، وكانت هذه القصة موضوع حديثهم وتعليقاتهم حتى وصلنا إلى الأسكندرية.
تحدث الله لقلبي قائلاً: هذا هو الأب الطبيعي، أو حتى الأم الطبيعية.. إنما أنا لست كذلك. وفكَّرت في نفسي: أنا ذاهب لمجموعة من الأولاد لهم ظروف خاصة؛ ربما فقد أحدهم أباه أو أمه أو كليهما، لكن لي ولهم أب سماوي يعتني بنا جميعًا!
وإليك قارئي العزيز بعض أعمال الآب السماوي المحب، لأولاده. وهي تريك محبته وعنايته:
١- فهو لا ينسى: فقد قال: «هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك» (إشعياء ٤٩: 15).
٢- وهو أيضًا يحمل ويدلِّل: «فترضعون، وعلى الأيدي تحملون، وعلى الركبتين تدلَّلون» (إشعياء ٦٦: 12).
٣- ويلاحظ ويصون: كان يعقوب مسافرًا، هاربًا في خلاء مستوحش خرب؛ ولكن الآب السماوي «وجده في أرض قفر، وفي خلاء مستوحش خرب. أحاط به ولاحظه وصانه كحدقة عينه» (تثنية٣٢: 10).
4- وهو أيضًا قارئي العزيز يعلم احتياجاتنا بل ويملأها، فلقد قال لنا ربنا يسوع مطمئنًا «لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها» (متى٦: ٣٢). وأيضًا يقول «فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسألونه!» (متى٧: 11). وهو يهتم بأدق تفاصيل حياتنا، حتى شعور رؤوسنا «شعور رؤوسكم أيضًا جميعها محصاة. فلا تخافوا»
(لوقا١٢: 7).
هل تعلم معنى كلمة محصاة؟ إنها تعني: مرقَّمة! فلكل شعرة في رأسك رقم!!
قارئي العزيز، هل تمتعت بهذا الامتياز العجيب، أن يكون الله العظيم أبًا شخصيا لك؟ إن هذا يحدث حينما تقبل الرب يسوع بالإيمان في قلبك سيّدًا ومخلِّصًا شخصيًا لك. فكل «الذين قبلوه أعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه». وإن كنت تؤمن أن الله أبوك فعليك أن تثق وتطمئن وأن تلقي كل همك عليه «ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم».