لن أنسى هذا اليوم، وأنا أستمع إلى أحد خدام الرب الأفاضل، خدم سنين طويلة وسط قبيلة غريبة اللغة لم يسبق لها أن سمعت عن المسيح. لن أنسى دمعة تسللت إلى مقلتيه، وهو يحكي قصة حدثت معه وهو في بلده الأصلي، أمريكا. يومها أخبروه أن عليه أن يذهب إلى المستشفى سريعًا، لأن ابنه قد تعرض لحادث سيارة، فتم نقله إلى هناك. وحين وصل إلى المستشفى، أخبروه أن ابنه قد فارق الحياة منذ قليل. ودعني أنقل عن لسانه ما حدث هناك:
أعطوني حقيبة ورقية بنية اللون، كان فيها متعلقاته ذات القيمة في أعين المسؤولين، والتي كانت ثمينة جدًا بالنسبة لابني. كان بها ساعة يد حديثة ثمينة، ألحَّ عليَّ كثيرًا لكي أشتريها له. وكان بها أيضًا رخصة القيادة الخاصة به، والتي لم يَمُرّ على صدورها أشهر قليلة، بعد انتظار طال جدًا، وقد استقبلها يوم صدورها بلهفة وشوق، واتصل بأصحابه يخبرهم بهذا الخبر المرتقب، ولم يترك واحدًا من معارفه الذين قابلهم إلا وأراه إياها. أخيرًا، كان في الحقيبة ورقة نقدية قيمتها 10 دولارات، كان قد طلبها مني ليصرفها في نزهته ذلك اليوم. هذا كل ما تركه ابني!!
تسألت مع الخادم، ودمعة تنزلق من عيني أنا الآخر: هل هذا فقط ما بقي من حياة شاب؟! ويا للعجب، أن هذه الأشياء الغالية لم تبقَ معه طويلاً!!
كم نتعلق بأمور لا تساوي، ونعتبرها وكأنها أغلى الأشياء، وبل وكأنها هي الحياة نفسها، ونَـجِدّ في أثرها طويلاً، وهي لن تبقى معنا إلا القليل!
قال السيد مرة لمن يتعلقون بالماديات والممتلكات: «الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس». قالها وهو يعلّق على مثل قاله عن واحد بنى لنفسه ووسع ملكه، معتقدًا أن له «خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة»، فهنّأ نفسه بالقول «استريحي، وكُلي، واشربي، وافرحي». ولكن اسمع ما قاله الله له: «يا غبي، هذه الليلة تُطلَب نفسك منك. فهذه التي أعددتها، لمن تكون؟». ولا يتركنا الرب بدون تعليق بل يقول لكل واحد «هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنيا للّه»
(اقرأ لوقا12: 15-34).
وكم ننسى أن الحياة قصيرة!! أقصر مما نعتقد!!!فهل نعتبر.. فنستعد!!