شجرة الشوك

كانت هواية أحد الأغنياء أن يجمع كل نبات غريب أو جميل، ويزرعه في حديقة بيته الواسعة. وذات يوم كان يسير في منطقة صحراوية، فشاهد شجرة شوك وقد نبتت منها زهرة حمراء صغيرة. اقترب الرجل من الزهرة الصغيرة يتأملها، وقد أُعجب بها.

قالت الشجرة: “لماذا تتركني في هذه الصحراء أعاني من الجفاف والحر؟ هيا خذني معك إلى حديقتك، وسوف أقدم لك بين الحين والآخر مثل هذه الزهرة الحمراء الجميلة التي أعجبتك”.

من فرحه لم يأخذ الرجل حذره، وأخذ شجرة الشوك وزرعها في حديقته، وسط النباتات النادرة الغالية. وما أن امتدت جذور شجرة الشوك في أرض حديقته الخصبة، حتى بدأت تنمو بسرعة، وتمد فروعها ذات الأشواك إلى كل مكان في الحديقة، مُلْتَفَّة حول النباتات الغالية النادرة والجميلة لتخنقها وتقضي عليها.

وقف صاحب الحديقة يتحسر على نباتاته الحبيبة وقال: “حقًا إن معاشرة الأشرار لن يكون لها نتيجة إلا أن تعطي للشر الفرصة لكي ينتشر، وينتشر معه الموت والخراب والفساد”.

انخدع الرجل بمنظر الشجرة فلم يرَ فيها إلا الوردة الحمراء، التي لفتت نظره، وأُعجب بها ورَقَّ قلبه لها، وصعب عليه أن يتركها في الصحراء حيث الجفاف والحر والعطش، مع أن هذا هو مكانها الطبيعي الملائم لطبيعتها الجافة.

لم يهتم بما فيها من أشواك ممكن أن تجرح وتؤذي وتخنق، ولم يفكر بما يمكن أن تؤثر به على نباتاته الغالية الثمن، لذلك أخذها ليزرعها في حديقته.

وهكذا تحذرنا كلمة الله من المعاشرات الردية بالقول: «لا تَضِلُّوا! فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تفسد الأخلاق الجيدة» (1كورنثوس15:?33).

لنحترس! ربما نرى في الأصدقاء الأشرار أمورًا نستحسنها، قد نغتر بها ونمتدحها؛ مثل أخلاق حميدة أو مباديء سامية أو تفوق دراسي أو غنى مادي أو... تجلعنا ندنو منهم ونعاشرهم. لكنها في الحقيقة ما هي إلا مظاهر تخفي تحتها أشواك الخطية التي تؤذي، مثل الوردة الحمراء التي في شجرة الشوك.

ومهما كان لهم من مميزات فلا تغير من طبيعتهم الرديَّة، لأن «الْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جسد هو» (يوحنا3:?6). فهذه الأمور ليست من المباديء المسيحية الحقيقية، بل إنها من مباديء العالم التي ابتدعها الشيطان ليخدع بها المؤمنين. فأهل العالم مثل شجرة الشوك والتي لا تنتج إلا شوكًا. قال الرب: «هَلْ يَجْتَنُونَ من الشوك عنبًا، أو من الحَسَك تينًا؟» (متى7:?16).

ونذكر بعض الأمثلة لأناس سقطوا في فخ المعاشرات الرديَّة:

? رأى لوط كل دائرة الأردن أن جميعها سقي كجنة الرب كأرض مصر، فاختار لنفسه أحسن ما فيها، وهي أرض سدوم، ليسكن بها. ولم يهتم بحالة أهلها الذين قيل عنهم: «وَكَانَ أهل سدوم أشرارًا وخطاة لدى الرب جدًا» (تكوين13:?13). ونتج عن ذلك أنه صاهر أهل سدوم فامتُهِنت كرامته، وخسر زوجته وأملاكه، وفسدت أخلاقيات بناته.

? صادق يهوذا بن يعقوب رجلاً عدلاميًا خاطئًَا اسمه حيرة، ففسدت أخلاقه وسقط في خطية الزنا (تكوين38)، وافتُضِح أمره.

? ذهبت نعمي إلى بلاد موآب حيث الشبع، هروبًا من الجوع الذي في بيت لحم، ولم تراعِ وصية الرب بعدم الاختلاط بهذا الشعب (راعوث1: 1-5). نتيجة لذلك ارتبط ابناها ببنات موآب، ومات زوجها وابناها تحت التأديب من الرب.

? خرجت دينة لتنظر بنات الأرض، ولم تَحْتَط إلى المخاطر التي من الممكن أن تحيط بها، فدخلت في المحظور (تكوين34)، ووقعت في قبضة شكيم فأذلها.


وغيرهم الكثير في الكتاب المقدس لتحذيرنا من المعاشرات الردية.

أحبائي، عندما نستخف بالصفات الرديئة التي في الأصدقاء الأشرار، نُخدع فيهم فنخالطهم ونعاشرهم، فتتغلغل فينا صفاتهم وطباعهم الشريرة، وتخنق ما فينا من أمور وصفات حسنة زُرِعت في حياتنا.

ليس كل جميل مرغوب، وليس كل ما نستحسنه نقتنيه، ولا يجب أن تقودنا العواطف البشرية؛ سواء شفقة أو استحسان أو محبة أوغيرها مما أوصانا به الله نحو جميع البشر؛ إلى معاشرة الأشرار أو مخالطتهم، بل لنفحص الأمور في ضوء كلمة الله، ولتكن رفقتنا مع «الذين يدعون الرب من قلب نقي» (2تيموثاوس2:?22). بل لنعلم ما هى حدود العلاقة مع الآخرين، فلا تكابر بالقول: “إنني أعلم ما أفعل، وأقدر أن أحافظ على نفسي”، واخضع لقول الكتاب!

عزيزي الشاب، هل لك أصدقاء أشرار، ذهبت معهم في العلاقات إلى أبعاد كثيرة؟ أرجوك حدِّد موقفك منهم ولا تتوانَ، لئلا تقع في المحظور وتندم بعد فوات الأوان!
«لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِيِنَ!» (2كورنثوس6:?14).