بجريدة الدستور اليومية، جاء هذا الخبر الغريب “وفاة متهم داخل قفص الاتهام بمحكمة جنايات المنصورة قبل دقائق من صدور الحكم”. قد نتوقع أن يحدث هذا نظرًا لخوف المتهم من الحكم، لأن لحظات صدور الحكم دائمًا تكون لحظات عصيبة جدًا. لكن المدُهش والعجيب جدًا في هذا الحادث أن هذا المتهم الذي مات في قفص الاتهام قبل صدور الحكم بدقائق، قد صدر الحكم ببراءته!! وإليك أخي الحبيب تفاصيل الخبر
توفي متهم في قضية مـخدرات يدعى (...) - 43 سنة - داخل قفص الاتهام أثناء محاكمته أمام جنايات المنصورة، حيث فوجئ جميع الحاضرين وزملاء المتهم بسقوطه فاقدًا للوعي داخل قفص الاتهام. وظن الجميع أنها حالة إعياء، وبعد الكشف الظاهري عليه تبين وفاة المتهم. إلا أن هيئة المحكمة أصدرت حكمًا ببراءة المتهم من حيازة وبيع المخدرات!
بعد قراءتك لهذا الخبر أتوقع أخي الحبيب أن تفعل ما فعلته أنا. لقد جلست دقائق مندهشًا. ثم بدأت في وضع أسباب منطقية للموت.. ربما يكون خوفًا من الحكم! وربما يكون من إجهاد الأيام السابقة في السجن! ربما يكون قد انتحر بطريقة ما قبل صدور الحكم، خوفًا من الحكم عليه بالإعدام مثلاً!!
لكن دعنا من التخيلات والتوقعات غير المؤكدة، ولنتأمل في الحقيقيتين الواضحتين في هذه الحادثة، وقد وضعت لك خطًّا تحت كلاً منهما. فجميعنا نتفق على كلا الحقيقتين وهما أنه “مات” وأنه “نال حكم البراءة”.
“مات” وهذا أمر لا جدال فيه، و“نال حكم البراءة من المحكمة”، لكنه للأسف لم يفرح بهذا الخبر الأخير، لأنه كان قد مات.
وأنت أخي الشاب وأختي الشابة....
هل تعرف أننا جميعًا متهمون ومحكوم علينا بالموت بسبب خطايانا؟!
فالكتاب المقدس يقول «لأن أجرة الخطية هي موت» (رومية 6: 23). وينطبق علينا الوصف «أمواتًا بالذنوب والخطايا» (أفسس 2: 1). فالحقيقة الأولى أننا أموات، وهذا هو حكم الله العادل علينا، بعدما فسدنا جميعًا «الجميع زاغوا وفسدوا معًا، ليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد» (رومية 3: 12). ويجب - طبعًا - أن نُقِّر جميعًا بهذه الحقيقة.
لكن الحقيقة الثانية والهامة جدًا هي أنه هناك إمكانية أن نسمع الحكم ببراءتنا؛ لأن إلهنا الصالح وأبونا المحب قد «بذل ابنه الوحيد؛ لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا 3: 16). لقد دفع المسيح أجرة خطايانا بموته على الصليب بديلاً عن كل واحد فينا «بذل نفسه لاجلنا لكي يفدينا من كل إثم» (تيطس2: 14)؛ حتى يرفع عنا الحكم والدينونة التي كنا نستحقها. لذلك قال عنه يوحنا المعمدان «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يوحنا 1: 29). وقال عنه بطرس «ليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص» (أعمال 4: 12). بل وقال الرب يسوع أيضًا عن نفسه «أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا 14: 6).
نعم صديقي الغالي.. لقد صدر الحكم بالبراءة لكل من يؤمن ويثق في صليب المسيح أنه الطريق الوحيد للخلاص.
أخي الحبيب
لا تنسَ أن المتهم، صاحب هذا الخبر الذي نقلته لك اليوم، صدر حكمًا براءته؛ لكنه - للأسف - لم يتمتع بهذا الحكم، ولم يعش الحرية التي له لحظة واحدة، لكنه مات في قفص الاتهام قبل أن يرى النور. وقد تكون أنت أيضًا كذلك. قد تكون ما زالت في قفص الاتهام، رغم أنه يمكنك أن تسمع الحكم ببراءتك اليوم «مغفورة لك خطاياك»، بناءً على عمل المسيح. وأخاف عليك أن تموت أيضًا في قفص الاتهام، دون أن ترى النور وتتمتع بالسلام مع إلهك المحب. لهذا، فها أنا أبشرك اليوم بإمكانية صدور الحكم براءتك، لأن الحكم قد نفّذه المسيح الذي أحبك حتى الموت.
فلا ترفض الحرية التي لك في المسيح وتعيش مستعبَدًا ذليلاً لشهواتك ولذّاتك. لا تترك النور الحقيقي وتظل قابعًا في ظلام دامس مخيف. لا تتمسك بقفص الاتهام وتظل حبيسًا داخله.
قُم من موتك، وعِش الحياة التي لك في المسيح يسوع. انهض من رقدتك، وانفض الحزن والغم عنك، وامسك بيدي ذاك الذي أحبك بلا حدود، وما زال يحبك ويدعوك الآن كي تتمتع معه بالحرية الحقيقية والسعادة الأبدية التي يقدِّمها لك من خلال صليبه وموته وقيامته.