“الرحلة 4590” تعبير يعرفه العاملون بمجال الطيران، فهو يرجعهم إلى قصة مرعبة حدثت يوم 25 يوليو 2000، ولم تمحُها السنين. حيث انتهت الرحلة رقم 4590 التابعة للخطوط الجوية الفرنسية، والمتّجهة من باريس إلى نيويورك، بتحطم الطائرة بعد دقيقتين فقط من إقلاعها!
كانت الطائرة، وهي من طراز الكونكورد الأسرع من الصوت، قد بدأت تزيد في سرعتها على الممر استعدادًا للإقلاع. وحدث أن جاءت قطعة معدن صغيرة في طريقها، داست عليها بإحدى عجلاتها، فتمزّقت العجلة وطارت أشلائها لتصطدم بالجناح الأيسر للطائرة، حيث يوجد أحد خزانات الوقود، فحطمته! وكنتيجة لتدفق الوقود من الخزان اشتعلت نيران هائلة دمّرت محركين، والنتيجة أن سقطت الطائرة إلى الأرض، ليموت 109 هم جميع الركاب وطاقم الطائرة، و4 آخرون كانوا بمكان سقوطها.
سجَّل الصندوق الأسود للطائرة الأحداث الأخيرة لهذه الرحلة القصيرة، ومنها عبارتين مذهلتين. الأولى كانت صوت مسؤول برج المراقبة قائلاً: “كونكورد 4590... شعلة نار خلفك”! وبعد دقيقة واحدة سُمع صوت الطيار يقول: “الوقت متأخر جدًا!!”. فقد فشلت كل محاولات إنقاذ الطائرة، فسقطت بعد ثوان من عبارة الطيار فوق فندق المطار.
ودعني أعلِّق فقط على ثلاث عبارات من هذه القصة:
*“قطعة معدن صغيرة”؛ قد تبدو بلا معنى إلى أن رأينا النتيجة المرعبة التي سبَّبتها. وخطية، يسميها الناس صغيرة، قد تبدو لا قيمة لها بالنسبة لك. لكن أمام قداسة الله هي كبيرة للدرجة التي تكفي أن ترسل فاعلها إلى جهنم (رومية6: 23)؛ فما بالك بآلاف الخطايا، حتى وإن كانت صغيرة!
*“شعلة نار خلفك”. فيا من لم تسوِّ قضية خطاياك بعد، ولم تَقبَل عمل المسيح الذي دفع ثمن خطاياك هناك في صليب الجلجثة، دعني أقول لك: “أمامك بحيرة متقدة بالنار” لن تُطفأ إلى الأبد (رؤيا19: 20؛ 20: 15؛ مرقس9: 48).
*“الوقت متأخر جدًا!!” سيقولها كل من أجَّل خلاصه، ظانًا أن العمر طويل وأن الوقت متسع لمحاولة الحل. إذا انتهت الحياة، ومن يعلم متى تنتهي، أو إن جاء المسيح، ومن يعرف متى يجيء؛ أقول إن حدث هذا أو ذاك وأنت غير مستعد، فسيكون الوقت متأخرًا جدًا (اقرأ يعقوب4: 14؛ عبرانيين9: 27).
فعلام الانتظار؟!