إذا أردتَ أن تعرف كيف تكون الحياة حينما يمتلكها الشيطان... إذا أردتَ أن
تعرف كيف يتسلط الشيطان على بني البشر، وماذا يعطي لهم، وماذا يأخذ منهم...
إذا كان لديك فضول لمعرفة كيف تنتهي حياة كل من أعطى للشيطان الفرصة ليكون
هو سيد حياته والمتسلط عليه؛ فعليك بقراءة السطور القليلة القادمة.
طالعتنا
كل وسائل الإعلام العالمية يوم الخميس الموافق 25/6/2009 بنبإ وفاة مغني
البوب الشهير والمعروف بـ“ملك البوب”؛ مايكل جاكسون، البالغ من العمر خمسين
عامًا، إثر نوبة قلبية مفاجئة. وأعتقد، أخي الحبيب، أنك تعرف على الأقل اسم
هذا المغني؛ إذ إن شهرته بلغت ما لم يبلغه أحد من قبل. وقد جاء اسمه
بموسوعة جينيس الشهيرة للأرقام القياسية، حيث تصدّر أحد ألبوماته الغنائية
والذي صدر عام 1984 قائمة المبيعات، كالأكثر مبيعًا في التاريخ؛ إذ بيع منه
حوالي 104 مليون نسخة. وحصل على 13 جائزة “جرامي” خلال مشواره المهني،
وأيضًا على جائزة “مغني القرن” من حفل جوائز الأغاني العالمية. وخلال
مشواره باع حوالي 750 مليون نسخة من ألبوماته.
طبعًا، بالمنظور البشري وبمقاييس النجاح العالمية، يراه العالم من أكثر
البشر نجاحًا وشهرة، وبالتأكيد يتمنى الكثيرون من أهل العالم الوصول إلى
نصف ما وصل إليه هذا الرجل. لكن إليك، عزيزي القارئ، الجانب الآخر من حياة
هذا المغني الشهير، والتي توضّح لنا أمرًا غاية في الأهمية؛ وهو أن عطايا
العالم، مهما عَظُمت، فهي تحمل بداخلها تعاسةً وشقاءً تغطي على كل مظاهر
السعادة التي قد تبدو للآخرين.
في
نهاية 2003 اتُّهِم مايكل جاكسون في قضية أخلاقية مشينة، تناقلتها وسائل
الإعلام على الملإ. وبالطبع كانت فضيحة كُبرَى وصدمة عُظمَى لكل مُحِبيه
ومُعجَبِيه. وفي عام 2005 رفع عليه أحد العاملين معه قضية يطالب فيها
بتعويض قدره 12 مليون دولار، وهي مقدار مستحقاته لدى المغني الشهير. في عام
2007 بلغت ديونه 200 مليون دولار. تردد كثيرًا في وسائل الإعلام المختلفة
أنه أحد أكبر المسؤولين عن عبادة الشيطان في العالم. ومنذ عدة سنوات كُتِبت
في إحدى المجلات مقالة مُطَوَّلة عن
مايكل
جاكسون كشفتت بالصور حقائق ومفاجآت غير عادية؛ فقد ذكرت تلك المجلة أن
مايكل جاكسون يرتدي قمامة واقية طوال الوقت خوفًا من الإصابة بأي مرض،
وذكرت أيضًا أنه لا ينام على سرير كباقي البشر بل يرقد يوميًا في صندوق
زجاجي مليء بالأُكسجين النقي، والأكثر من ذلك أنه حتى يخاف من السير على
قدميه؛ لذلك فهو يتحرك أغلب الوقت على كرسي متحرك خوفًا من الإصابة
بالميكروبات حينما تلامس قدميه الأرض. فيا لها من حياة تعيسة يملؤها الخوف
الشديد من الموت!
وللأسف، فقد انتهت حياته فجأة وبدون مقدمات، غالبًا دون أن يفكِّر في مصيره
الأبدي! لقد ظل خائفًا من الموت، دون أن يبحث عن سبب الخوف أو الطريقة
الوحيدة لعلاج هذا الخوف، دون أن يطلب الراحة والسعادة الأبدية ما بعد
الموت، والتي أعدّها، له ولك ولي، ربنا الغالي يسوع المسيح بموته لأجلنا
على عود الصليب.
ما
رأيك، أخي الحبيب؟ هل تظن أن هذا المغني، الذي ملأت شهرته الأسماع
والأبصار، كان سعيدًا؟ وكيف يكون سعيدًا والخوف يطارده أينما ذهب؟ كيف يكون
سعيدًا وهو ينام في صندوق مغلق يُذكِّره كل لحظة بصندوقٍ آخر سيوضع فيه حين
يموت؟ كيف يكون سعيدًا وهو يتحرك على كرسي متحرك ولا يستمتع بسيرٍ طبيعي
على قدميه لمجرد أنه خائف من الإصابة بميكروب صغير قد يدمر صحته؟ بل دعني
أسألك السؤال الأخير، والذي يحوي داخله الإجابة على كل الأسئلة السابقة:
كيف يكون سعيدًا بدون المسيح؟
بدون المسيح تعاسة وشقاء بلا نهاية، مهما بلغ الثراء والغنى. فما الذي
تفعله كنوز الدنيا لإنسان يخاف الموت؟! أو كما قال المسيح: «لأنه مَاذَا
يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ
نَفْسَهُ؟» (مرقس8: 36). فكل من أراد أن يعيش لشهوات العالم وملذاته، ينطبق
على حياته قول المرنم: “عيشة بطعم موت”.
فهو يتنفس لكنها أنفاس متلاحقة لاهثة؛ نتيجة الخوف الذي يكتنفه. يأكل لكنه
لا يعرف طعمًا للأكل؛ من فرط المخاوف التي تطارده. ينام لكنه لا يستريح؛ إذ
تؤرقه الأحلام المزعجة والأفكار المروعة عن ما بعد الموت. يبتسم لكنها
ابتسامة صفراء تخفي خلفها كل ألوان الشقاء والتعاسة والخوف. يمتلك المال
لكنه لا يستطيع شراء السعادة. تزحمه جماهير المعجبين أينما ذهب، لكنه يشعر
بالوحدة بينهم حينما يتذكر يوم الممات وكيف سيواجه مصيره وحيدًا؟ تتهافت
عليه وسائل الإعلام من شتى بقاع الأرض لإجراء حديث معه، وهو يطمع في لحظات
قليلة يشعر فيها براحة داخلية. قد يكون محاطًا برجال الحراسة الخاصة، لكنه
يتشوق للحظة أمان حقيقية تريح نفسه وتُهَدِّئ ضميره المُثْقَل.
أخي الغالي، دعني أسألك: أيَّة حياة تريد؟ هل تريد حياة تلهث فيها وراء
إشباع فراغك الداخلي بالشهوة والمال والشهرة، لتجد نفسك في النهاية وقد
ازداد الفراغ داخلك، وامتلأ كيانك بخوف وضيق شديد، وصرتَ حبيسًا في سجن
الخطية وعبدًا للشيطان؟! أم تريد حياة تملؤها البهجة والراحة والسلام
الحقيقي من فاديك ومخلصك ربنا يسوع المسيح؟! دعنا من قصة هذا المغني الذي
انتهت حياته، وهو الآن يواجه مصيره الأبدي، ولنفكر مليًّا في مصيرنا نحن
الأحياء قبل أن تنتهي رحلتنا على الأرض!
هل أنت مستعد للأبدية؟! هل أنت مطمئن من جهة مصيرك الأبدي؟ هل جئتَ يومًا
تائبًا نادمًا على خطاياك وقدّمتَ نفسك وحياتك للمسيح تاركًا العالم خلفك؟
هل قبلتَ صليب المسيح وطلبتَ منه أن يغفر لك خطاياك ويطهرك من كل إثم؟
أخي الحبيب، لا تدع أمرًا آخر يشغلك عن مصيرك الأبدي! لتأتِ الآن تائبًا عن
كل الماضي، ليس خوفًا من الموت لكن حبًّا فيمن أحبك وأسلم نفسه لأجلك.
أرجو أن تصلي من قلبك هذه الصلاة:
سيدي الحبيب، يا من أحببتني ومُتَّ لأجلي على الصليب، آتي إليك الآن كما
أنا بكل ما فيَّ من عيوب وآثام وخطايا، واثقًا في حبك الكافي وصليبك الشافي
وقلبك العافي الكبير. أُسَلِّم لك حياتي لأعيش لك ما تبقى من حياتي سعيدًا
مكتفيًا بشخصك يا من تملأ كل احتياج. أشكرك لأنك تسمع وتستجيب. آمين.