أخآب بن عُمري هو سابع ملك لإسرائيل، مَلَك اثنتين وعشرين سنة، من 876 –
854 ق.م، وتزوج امرأة شريرة اسمها إيزابل ابنة إيثبعل؛ ملك الصيدونيين،
والتي أدخلت عبادة البعل رسميًّا إلى إسرائيل.
وكان أخآب من أقوى ملوك إسرائيل عسكريًّا، فنجح سياسيًا وكان له الكثير من
الانتصارات، وفي نفس الوقت أضعفهم؛ فلقد كان فاشلاً روحيًّا وعمل كل أنواع
الشرور، فترك العنان لإيزابل زوجته لتقود المملكة للشرِّ والدمار.
ولُقِّب أخآب بأنه “الشرير” و“المبغض للرب”، فاستحق بذلك القضاء الإلهي
الزمني والأبدي!
لكن لماذا هلك هذا الملك؟
أولاً: أخآب الشرير الذي تفنن في إغاظة الرب (1ملوك16: 33)
قال الرسول بولس عن حياته الماضية في الخطية: «فعلتُ بجهل في عدم إيمان»
(1تيموثاوس1: 13)، لكن أخآب يذكر له الكتاب ستة شرور مُتَعَمَّدة في
1ملوك16، أخطرها بناء معبد للبعل؛ “إله الصيدونيين”، وأقام مذبحًا له
كاسرًا وصية الرب: «لا يَكُن لك آلهة أخرى» (خروج20: 3). بل يقول الكتاب
«زاد أخآب في عمل الشر لإغاظة الرب إله إسرائيل أكثر من جميع ملوك إسرائيل
الذين كانوا قبله». عمل الشر في عيني الرب، ولإغاظة الرب!
أحبائي، ما أبغض الشر لدى قلب إلهنا القدوس الذي قال عنه داود: «لأنك أنت
لستَ إلهًا تُسَر بالشر. لا يُساكِنك الشرير» (مزمور5: 4)، والذي قال عنه
حبقوق: «عيناك أطهر من أن تنظرا الشر» (حبقوق1: 13).
ثانيًا: يقتل أتقياء الرب ويسالم أعداء شعب الرب
يقول الرسول يوحنا: «كل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضًا» (1يوحنا5:
1). ولأن أخآب وزوجته كانا يبغضان الرب؛ فلا عجب من كراهيتهما للرب
ولأتقيائه؛ فقتلوا أنبياء الرب وبحثا عن إيليا لقتله أيضًا.
وحينما جاء بنهدد ملك أرام وحارب إسرائيل، وطلب بوقاحة أن يأخذ نساء
وممتلكات شعب الله والملك، وأعطى الرب أخآب نصرة على بنهدد، كانت المفاجأة
أن أخآب يصادق بنهدد ويقول عنه: «هو أخي» (1ملوك20: 32)، وأصعده إلى مركبته
وأعطاه ممتلكات! فيا للهول! «مُبَرِّئ المُذنِب ومُذَنِّب البريء كلاهما
مكرهة للرب» (أمثال17: 15).
ومرة أخرى يقتل أخآب رجلاً تقيًّا مسكينًا، اسمه نابوت اليزرعيلي، لا ذنب
له إلا إنه متمسك بشريعة الرب ورفض بيع كرامته قائلاً: «حاشا لي من قبل
الرب أن أعطيك ميراث أبائي» (1ملوك21: 30). فأظهر أخآب طمعه وفراغ قلبه رغم
كل ممتلكاته، وأظهر كراهيته وشراسته بقتله تقيًّا يخاف الرب.
أحبائي، تقول كلمة الله إن «كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه»
(1يوحنا3: 15)، وأيضًا عن القاتلين: «فنصيبهم البحيرة المُتَّقِدَة بنار
وكبريت» (رؤيا21: 8).
ثالثًا: يسمع لصوت الضلال ويبغض كلام الحق (1ملوك22)
يقول الرب يسوع: «لهذا قد أتيتُ إلى العالم: لأشهد للحق... كل من هو من
الحق يسمع صوتي» (يوحنا18: 37).
لكن المسكين أخآب لم يكن مُحِبًّا لصوت الحق؛ فمرة من المرات خرج للحرب
وجمع حوله 400 رجلاً من أنبيائه الذين ملأهم روح الكذب ليسألهم عن رأي الرب
في الخروج للحرب، فقالوا له: «اصعد وأفلح فيدفعها الرب ليدك»!
وفى ذات الوقت استبعد ميخا بن يملّة النبي التقي، بل سجنه في حبس، لأنه
تكلم إليه بكلام الرب بصدق.
إن ما يميز أولاد الله أنهم يحبّون الحق، يعرفون الحق (يوحنا8: 32)، بل
ويسلكون حسب الحق (2يوحنا3)، أما الأشرار فيقولون: «كلمونا بالناعمات...
اعزلوا من أمامنا قدوس إسرائيل!» (إشعياء30: 10، 11).
وانطبق على أخآب ما قاله الكتاب: «لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا... لأجل
هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدّقوا الكذب» (2تسالونيكي2: 10).
أحبائي، صدّق أخآب الكذب وذهب للحرب ومات هناك (1ملوك22: 34، 35). أ لم يقل
الرب: «أما المُستَمِع لي فيسكن آمِنًا ويستريح من خوف الشر» (أمثال1: 33).
رابعًا: القضاء الإلهي على أخآب وأسبابه (1ملوك21: 17-26)
تَأَنَّى الرب على أخآب سنوات عديدة حتى يتوب عن شروره فلم يَتُب، بل يومًا
بعد الآخر كان يصير إلى حالٍ أردأ، ولم يستعجل الرب الرحيم القضاء عليه؛
«لأن القضاء على العمل الرديء لا يُجرَى سريعًا فلذلك قد امتلأ قلب بني
البشر فيهم لفعل الشر» (جامعة8: 11). وبدلاً من أن يتوب أخآب ازداد في عمل
الشر؛ لذلك أرسل الله إليه إيليا بحكم القضاء لأنه أغاظ الرب بعمل الشر،
ولأنه جعل إسرائيل يُخطِئ، وأخيرًا لأنه باع نفسه لعمل الشر (1ملوك21:
17-26).
وأما عن القضاء الإلهي عليه يقول الرب لأخآب:
1. في المكان الذي لَحَست فيه الكلاب دم نابوت تلحس دمك أنت أيضًا؛ فالذي
يزرعه الإنسان إيَّاه يحصد أيضًا.
2. من مات لأخآب في المدينة تأكله الكلاب، ومن مات في الحقل تأكله طيور
السماء.
3. هأنذا أجلب عليك شرًّا وأُبيد نسلك.
4. أرسل الرب رجلاً اسمه ياهو وقضى على كل بيت أخآب وعلى إيزابل (2ملوك10:
11).
أحبائي، هلك أخآب بسبب كلمة تكرّرت كثيرًا عنه وهي “عمل الشر”، فالشر نار
مدمِّرة، ويُميت الشرير. هلك لأنه أحب الكذب ولم يقبل كلام الحق من الله.
لكن الرب المُحِب يقدم نداء لكل من يسلك في طريق الشر قائلاً: «ليترك
الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليَتُب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه
يُكْثِر الغفران» (إشعياء55: 7). والرب المُحِب الذي حمل خطايانا وشرورنا
في جسده على الخشبة هو غافر الإثم وصافح عن الذنب، فهل تأتي إليه مُحتميًا
في دمه وكفَّارته تائبًا عن خطاياك؟! لن يُخرِجك خارجًا! قال المرنم:
لما سمعت صوته كيف بتنادي عليّ قال لي: دمي يطهر أنا بحب الخاطي |
|
قلت له: يا ربي وأنا مش طايق ذنبي من كل الشرور وأخـرجه للـــنور |
أرجوك لا تَعِش مثل أخآب ولا تهلك معه!