ظاهرة طبيعية عجيبة، حيَّرت العلماء فترة طويلة من الزمان، ولكنهم استطاعوا أخيرًا كشف سرها الغامض.. إنها ظاهرة انبعاث الضوء من عدد كبير من الكائنات الحية، خاصة البحرية منها. وأُطلق على هذه الظاهرة “الضوء الحيوي”؛ لأنه يصدر من داخل هذه الكائنات - التي تسكن أعماق البحار والمحيطات - وليس من مصدر خارجي.
ومن المعروف أن أعماق البحار والمحيطات مظلمة تمامًا، ولهذا تبدو هذه الكائنات الغريبة كأنها بطاريات مضيئة تُصدر أضواء مستمرة أو متقطعة بألوان مختلفة؛ منها الأزرق والأخضر والأحمر وغيرها من الألوان.
فوائد الضوء الحيوي
إنه وسيلة رائعة للتعرف على بني جنسها والاتصال بهم، بالإضافة لاختيار شريك حياتها، وكذلك إبعاد الحيوانات المفترسة، أو الابتعاد عنها.
كيف تُصدر هذه الكائنات هذا الضوء؟
ينتُج الضوء الحيوي من تحويل الطاقة الكيمائية في داخل أجسامها إلى طاقة ضوئية، بواسطة مادتين يُطلق عليهما: لوسفرين، لوسفريز؛ حيث يتحدان بالأكسجين، فيصدر هذا الضوء العجيب. وتأتي هاتان المادتان من الأغذية التي تتناولها الكائنات المضيئة، خاصة الطحالب والفطريات.
أعتقد أنك هتفت معي من قلبك قائلاً: «ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت» (مزمور104: 24). هذا صحيح، ولكن الغرض من هذا المقال هو أن أسألك: هل تنير أنت في وسط ظلمة هذا العالم؟
أنتم نور العالم
رغم أن العالم يفتخر اليوم بأنه في عصر النهضة أو التنوير، لكن الحقيقة أن العالم يعيش في ظلمة رهيبة جدًا. نرى ذلك في تدني الأخلاق بصورة كبيرة وفي الإرهاب والقتل. انظر إلى العلاقات الأسرية المنهارة! انظر إلى تباعد المسافة بين الأشقاء! إلخ...
ونحن كُنَّا قبلاً ظلمة (أفسس5: 8)، وكنا نعيش في الظلمة (متى4: 16). ولكن عندما يُولد الشخص من الله، ويصبح أبوه هو الله، أبو الأنوار (يعقوب1: 17)، يحدث تغيير جذري في حياته: «كنتم قبلاً ظلمة أما الآن فنور في الرب».
قال المسيح عن نفسه: «أنا هو نور العالم» (يوحنا8: 12)، لكننا الآن نعيش في فترة غيابه عن الأرض؛ لذا قال لنا: «أنتم نور العالم» (متى5: 14).
كيف ينير المؤمنون؟
للإجابة على هذا السؤال دعني أسألك:
(1) ماذا تأكل؟
كما أن غذاء هذه الأسماك يؤثِّر عليها، هكذا نحن؛ فإن ما نتغذى به يؤثر بصورة مباشرة في النور الذي ننير به في هذا العالم، فعلى ماذا تتغذى؟ هل على كلمة الله التي هي غذاء الحياة: «وُجِد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي» (إرميا15: 16)، أم على قراءات لا تفيد بل تضر؟ فإن كنت تتغذى حسنًا، فبالتأكيد سوف تنير حسنًا.
(2) هل تـُشحن؟
إننا كالبطاريات التي تحتاج إلى شحن يوميًا. هذا الشحن يكون عن طريق الخلوة الشخصية والشبع بالرب والتفكر به والمكوث عند قدميه. كان موسى عند الرب أربعين نهارًا وأربعين ليلة، وعند نزوله من الجبل لم يكن يعلم أن جلد وجهه كان يلمع.
(3) من هم أصدقاؤك؟
في تكوين1 بعد ما قال الله: «ليكن نور» فكان نور، ورأى الله النور أنه حسن، عمل الله شيئًا مهمًا إذ «فصل الله بين النور والظلمة»، مُعطيًا درسًا لأولاد النور: «لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أيَّة خِلطة للبر والإثم؟ وأيَّة شركة للنور مع الظلمة؟» (2كورنثوس6: 14).
(4) هل أنت واضح في شهادتك؟
هل أنت واضح في شهادتك، مثل مدينة منيرة فوق جبل (متى5: 14)؟ كما يجب أن النور الذي أشرق في قلوبنا لا يُغطَّى بأن تضعه تحت المكيال الذي يُشير إلى مشغوليات الحياة (متى5: 15). وحذَّرنا الرب في مرقس4: 21 ولوقا8: 16 من أمرين آخرين، هما السرير الذي يشير إلى الكسل، والإناء الذي يكلِّمنا عن الاهتمام بإشباع الجسد وإمتاعه.
(5) هل يشع النور من بيتك؟
منذ بضعة آلاف من السنين، حدث في مصر شيء عجيبٌ، فالضربة التاسعة على مصر كانت ضربة الظلام، حيث طلب الرب من موسى أن يمد يده نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر؛ ظلام دامس، حتى يُلمس الظلام. وقد كان، إلا إن الكتاب يقول لنا: «ولكن جميع بني إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم» (خروج10: 23)، نور رآه جميع من حولهم. فما رأي جيراننا ومن حولنا في بيوتنا؟ هل يخرج منها صوت التَرَنُّم أم أصوات التذمر والخلافات؟! هل يرون فينا نور المسيح؟
أحبائي، دعونا لا ننسى أننا يجب أن نضيء بينهم كأنوار في العالم (فيلبي2: 15).