في زيارة مؤخَّرة لشلالات نياجرا، وبينما المنظر المهيب يجتاح عينيَّ وأصوات المياه تنساب غزيرة إلى أذنيَّ، ونحن نسير على الجانب الكندي من الشلالات، ناحية المسقط الرهيب للمياه؛ لفت مرافقي نظري إلى مشهد يعتبرون أنه من الضرورة لكل زائر أن يشاهده:
قارب عتيق متوسط الحجم، يقف قبل مسقط المياه بأمتار ليست كثيرة، لا يتحرك، مستقر بشكل غريب في مكانه، منذ أعوام كثيرة. والقصة التي تُحكَى عنه أن بضعة رجال كان يركبونه في النهر لمسافة ربما كانت طويلة، وغلبهم النعاس، فلم يدروا أنهم يقتربون من المسقط الرهيب، معرَّضين لخطر السقوط فيه، فيبتلعهم اليم. لكن كل العجب أن القارب لم يسقط! هل تدري السبب؟! لقد تعلَّق بصخرة متينة قبل المسقط بقليل. وهكذا أمكن إنقاذ ركابه، بل قُل إنهم قد مُنحوا حياة من جديد!
صديقي، إن الإنسان بطبيعته يُشبه ركاب هذا القارب؛ نائم في طريقه للغوص بلا قرار في شلال الغضب الإلهي المزمع أن ينصَبَّ على الخطاة. ولا أمل إلا في التعلق بصخرة تنقذه.
مكتوب: «الرَّبِّ صَخْرَ الدُّهُورِ» (إشعياء26: 4)، و«هُوَ الصَّخْرُ الْكَامِلُ صَنِيعُهُ» (تثنية32: 4)، ومن يتعلق به، وبكمال عمله على الصليب، سيسمع هذا القول الرائع: «لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ... أُنْقِذُهُ... وَأُرِيهِ خَلاَصِي» (مزمور91: 14 16). فهل تتعلق به فتنجو؟!
قال المسيح: «فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ» (متى7: 24، 25).