كان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين في الأيام، وأعطاهما الرب ابنًا حسب وعده هو إسحاق، الذي كان سبب سرور وفرح لهما. ونجد في ولادة إسحاق والحوادث المرتبطة به صورة لربنا يسوع المسيح من أوجه كثيرة:
(1) إسحاق ولد بمعجزة
لأن إبراهيم كان شيخًا وعمره مائة سنة، وصار جسده مُمَاتًا، وسارة كانت متقدمة في أيامها وعمرها تسعين سنة ولقد انقطع أن يكون لسارة عادة النساء. ولكن آمن إبراهيم بالله الذي يحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة. لذلك أعطاه الله ابنًا في شيخوخته بمعجزة. وهكذا أيضًا كانت ولادة المسيح - له المجد - فهو الوحيد الذي وُلد من عذراء، وهي معجزة المعجزات، لكي يعلن الله تفرُّد ابنه في دخوله إلى العالم. وعندما كلّم الملاك جبرائيل العذراء مريم وأخبرها أنها ستحبل وتلد ابنًا وتسميه يسوع، سألت قائلة: “كيف يكون هذا وأنا لستُ أعرف رجلاً؟” إنه شيء غير مألوف أن تلد عذراء، ولكن أجابها الملاك وقال لها: «الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللك فلذلك أيضًا القدوس المولود منكِ يُدعَى ابن الله» (لوقا1: 26-38).
وفي كلتا الحالتين كانت قدرة الله ظاهرة في ولادة كل طفل، فعندما قالت سارة: «أفبالحقيقة ألد وأنا قد شِخت؟» أجاب الرب: «هل يستحيل على الرب شيء؟» (تكوين18:13،14)، وعندما سألت المطوبة مريم أجابها الملاك أنه «ليس شيء غير ممكن لدى الله» (لوقا1: 37).
(2) إسحاق وُلد بوَعد
وعد الله إبراهيم بأنه سيصبح أُمة عظيمـة، وأن نسله سيكون كتراب الأرض وكنجـوم السماء فـي الكثرة (تكوين12:15؛ 13: 16؛ 15: 5)، وعندما مرت الأيام والسنون ولم يُعطَ ابنًا من سارة، سأل إبراهيم الرب قائلاً: «ماذا تعطيني وأنا ماضٍ عقيمًا ومالك بيتي هو أليعازر الدمشقي؟» لكن أجابه الرب: «لا يرثك هذا بل الذي يخرج من أحشائك هو يرثك»، وقال الله عن سارة: «أباركها وأعطيك أيضًا منها ابنًا». وعندما ظهر له الرب وهو جالس في باب الخيمة قال له: «إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن» (تكوين15:2،4؛ 17:16؛ 18: 10). لذلك إسحاق هو ابن الموعد، وهو في هذا صورة للرب يسوع المسيح الذي أيضًا وُلد بوَعد. فعندما دخلت الخطية إلى العالم جاء وعد الله بنسل المرأة، إذ قال الرب الإله للحية: «وأضع عـداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلكِ ونسلها. هـو يسحق رأسكِ وأنتِ تسحقـين عَقِبه» (تكوين3: 15)، وأيضًا: «ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل» (إشعياء7: 14)، وقبـل ولادة المسيح قـال الملاك للعـذراء مريم: «ها أنتِ ستحبلين وتلـدين ابنًا» (لوقا1: 31).
(3) إسحاق تسمى قبل ولادته
قبل ولادة إسحاق، قال الله لإبراهيم إن «سارة امرأتك تلد لك ابنًا وتدعو اسمه إسحاق» (تكوين17:19). وهذا حدث أيضًا مع ربنا يسوع المسيح؛ إذ قال الملاك جبرائيل للعذراء مريم: «ها أنتِ ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع (لوقا1:31)، وأيضًا قال ملاك الرب ليوسف عن المطوبة مريم: «فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع» (متى1: 21).
(4) إسحاق جاء في الوقت المُعَيَّن
تمت ولادة إسحاق في الوقت المُعَيَّن من الله كما هو مكتوب: «فحبلت سارة وولدت لإبراهيم ابنًا في شيخوخته. في الوقت الذي تكلم الله عنه» (تكوين21: 2). وهو في هذا صورة لولادة ربنا يسوع المسيح التي تمت في الوقت المُعَيَّن من الله: «ولما جاء مِلء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة» (غلاطية4:4).
لقد كانت هناك فترة زمنية طويلة حدثت بين وعد الله الأول لإبراهيم بإعطائه نسل في تكوين12: 2، 7 وبين تحقيق هذا الوعد بولادة إسحاق في تكوين21: 2 إذ مرَّت 25 سنة، وهكذا كانت هناك أيضًا فترة زمنية طويلة بين وعد الله بمجيء المسيح الذي هو نسل المرأة المذكورة في تكوين3: 15 وبين تحقيق هذا الوعد بولادة المسيح؛ إذ مرَّ حوالي 4000 سنة. وهـذا يجعلنا نخضع لمعاملات الله ونعلـم أن لـه مواقيت بـدون تأخير أو تقديم ينفذ فيها مواعيده.
(5) إسحاق معنى اسمه «ضحك»
لقد قالت سارة: «قد صنع إليَّ الله ضحكًا. كل من يسمع يضحك لي» (تكوين21:6). بمجيء إسحاق أدخل السرور والفرح لقلب إبراهيم وسارة، وهو في هذا رمز للرب يسوع المسيح الذي بمجيئه للأرض أدخل السرور لقلب الآب ولقلوب البشر الذين آمنوا به. فعند ولادته ظهر ملاك الرب للرعاة وقال لهم: «ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب ... وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجُند السماوي مسبّحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة». وفي معموديته كان صوت من السماوات: «أنت ابنيِ الحبيب الذي به سُررت» (مرقس1: 11). ونستطيع الآن كمؤمنين أن نقول: «امتلأت أفواهنا ضحكًا وألسنتنا ترنمًا» (مزمور126: 2).
(6) إسحاق قسم العائلة لفريقين
الفريق الأول مثل إبراهيم وسارة كان يضحك ويفرح، والفريق الثاني مثل إسماعيل كان يمزح؛ أي يستهزئ ويحتقر. وهكذا ربنا يسوع المسيح الذي بصليبه قسم العالم إلى فريقين هما المُخَلَّصين والهالكين، فكل من آمن بالرب يسوع المسيح صار مُخَلَّصًا وفي أمان، أما كل من رفض الرب يسوع واستهزأ به أو احتقره فهو من الآن هالك (1كورنثوس 1: 18).
(7) إسحاق الغريب
كان إسحاق يسكن في خيمة إعلانًا على أنه غريب (تكوين26:25؛ عبرانيين11: 9) وهو في هذا صورة لربنا يسوع المسيح السماوي الذي عاش غريبًا في هذا العالم، وقال للآب عن تلاميذه: «ليسوا من العالم كما أني أنا لستُ من العالم» (يوحنا17:16).
أخي، أختي، يا ليتنا في كل شخصية ندرسها نبحث عن الرب يسوع؛ موضوع الكتاب المقدس كله، فنشبع به ونتمثل به.