وفاء موسيقار
دخل الموسيقار الشهير إلى صالون الحلاقة الذي اعتاد أن يرتاده منذ سنوات، وجلس طالبًا من الحلاق أن يقصَّ شعره “القَصّة” المعتادة. وكالعادة كان الحلاق مستغربًا من شكل شعر الموسيقار؛ إذ كان معتادًا أن يسدل شعره طويلاً على أذنيه حتى يخفيهما بالتمام. في هذه المرة بالذات لم يحتمل الحلاق أن يخفي فضوله؛ فسأل الموسيقار عن سر هذه “القَصّة” الغريبة التي يصرّ عليها الفنان!!
تنهد الموسيقار، وبدا على وجهه أنه يتذكر أمرًا حدث منذ زمن بعيد. ثم بدأ يتكلم قائلاً: إن سر هذه “القَصّة” يرجع إلى عشرين عام مضت، عندما تقدّمت لخطبة الفتاة التي أحببتها وكانت تبادلني نفس الحب، لكن كان لديها اعتراض وحيد على شكل إذنيَّ الغريب وطولهما. فاشترطت أن أطيل شعري حتى أغطيهما. قَبِلت هذا الشرط البسيط عن طيب خاطر، وتمّت الخطبة والزواج. ومن ذلك الوقت وأنا أقصّ شعري بهذه الطريقة مخفيًا أذنيَّ.
أُعجب الحلاق جدًا بهذا الإخلاص والوفاء، لكنه لم يستطع أن يخفي تعجبه فسأل: لكن لقد مرّ عشرون عامًا على قرانك، وامرأتك أصبحت لك بلا انفصال، فلماذا تحتفظ بهذه القصّة الغريبة وتعرِّض نفسك لكلام الناس؟!
ردّ الموسيقار ردًّا بليغًا رائعًا: نعم بالفعل مرّ زمن طويل منذ زواجنا؛ ولكني ما زلت أحب زوجتي وهي تحبني!! وسأفعل أي شيء لأظل حائزًا على رضاها!! لقد مَرّ الزمن، لكنه لم يقوَ على قصة الحب فهي ما زالت مستمرة!!
ألا يُخجلنا هذا؟! إذ تبرُد محبّتنا للرب مع الزمن؛ فتخبو رغبتنا في إرضائه بسبب آراء الناس وأقاويلهم. ليتنا نبقى متمسكين بإرضاء ربنا المحبوب؛ فقصة الحب لا زالت مستمرة.
هاني صلاح - دير مواس